كتاب مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (اسم الجزء: 1)
وَكَالضَّمَانِ، فَإِنَّهُ جُعِلَ سَبَبًا لِمُطَالَبَةِ الضَّامِنِ بِالدَّيْنِ، وَكَالْجِنَايَاتِ. فَإِنَّهَا جُعِلَتْ سَبَبًا لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ، أَوْ الدِّيَةِ1.
قَالَ الآمِدِيُّ: "السَّبَبُ عِبَارَةٌ عَنْ وَصْفٍ ظَاهِرٍ مُنْضَبِطٌ دَلَّ الدَّلِيلُ الشَّرْعِيُّ عَلَى كَوْنِهِ مُعَرِّفًا 2 لِثُبُوتِ حُكْمٍ 2 شَرْعِيٍّ"3، طَرْدِيًّا، كَجَعْلِ4 زَوَالِ الشَّمْسِ سَبَبًا لِلصَّلاةِ، أَوْ غَيْرَ طَرْدِيٍّ كَالشِّدَّةِ الْمُطْرِبَةِ، سَوَاءٌ اطَّرَدَ الْحُكْمُ مَعَهُ أَوْ لَمْ يَطَّرِدْ5، لأَنَّ السَّبَبَ الشَّرْعِيَّ يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ، وَهُوَ الْمُسَمَّى تَخْصِيصُ الْعِلَّةِ، إذْ لا مَعْنَى لِتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ إلاَّ وُجُودُ حُكْمِهَا فِي بَعْضِ صُوَرِ وُجُودِهَا دُونَ بَعْضٍ، وَهُوَ عَدَمُ الاطِّرَادِ.
- "وَ" الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنْ أَقْسَامِ خِطَابِ الْوَضْعِ "الشَّرْطُ".
وَهُوَ "لُغَةً" أَيْ فِي اسْتِعْمَالِ أَهْلِ اللُّغَةِ: "الْعَلامَةُ": لأَنَّه6 عَلامَةٌ لِلْمَشْرُوطِ. وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} 7، أَيْ عَلامَاتُهَا. قَالَهُ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ8.
__________
1 انظر: فواتح الرحموت 1/ 61، مناهج العقول 1/ 68، مختصر ابن الحاجب وشرح العضد عليه 2/ 7، إرشاد الفحول ص7، المدخل إلى مذهب أحمد ص67، الإحكام للآمدي 1/ 127.
2 في الإحكام: لحكم.
3 الإحكام، له 1/ 127.
4 في ع: كأن جعل.
5 يقول الآمدي عن السبب، بعد تعريفه: "وهو منقسم إلى مالا يستلزم في تعريفه حكمةٌ باعثة عليه، كجعل زوال الشمس أمارة معرفة لوجوب الصلاة.... وإلى ما يستلزم حكمة باعثة على شرع الحكم المسبب كالشدة المطربة المعرفة لتحريم شرب النبيذ "أي قياساً على الخمر". لا لتحريم شرب الخمر في الأصل المقيس عليه، فإنّ تحريم شرب الخمر معروف بالنص أو "كذا" الاجماع" "الإحكام 1/ 127".
6 في ش: لأنها.
7 الآية 18 من سورة محمد.
8 انظر: الروضة ص31، المدخل إلى مذهب أحمد ص67، تفسير الرازي 28/ 60، تفسير القرطبي 16/ 240، تفسير ابن كثير 6/ 317، أصول السرخسي 2/ 302.
الصفحة 451