كتاب مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (اسم الجزء: 1)
ظَاهِرُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ" 1.
وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ مَا خُفِّفَ عَنَّا مِنْ التَّغْلِيظِ الَّذِي كان2 عَلَى الأُمَمِ قَبْلَنَا لَيْسَ بِرُخْصَةٍ شَرْعِيَّةٍ، لَكِنْ قَدْ يُسَمَّى رُخْصَةً مَجَازًا3، بِمَعْنَى أَنَّهُ سُهِّلَ عَلَيْنَا مَا شُدِّدَ عَلَيْهِمْ، رِفْقًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَرَحْمَةً بِنَا مَعَ جَوَازِ إيجَابِهِ عَلَيْنَا، كَمَا أَوْجَبَهُ عَلَيْهِمْ، لا عَلَى مَعْنَى أَنَّا اسْتَبَحْنَا شَيْئًا مِنْ الْمُحَرَّمِ4 عَلَيْهِمْ، مَعَ قِيَامِ الْمُحَرِّمِ فِي حَقِّنَا، لأَنَّهُ إنَّمَا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ لا عَلَيْنَا. فَهَذَا وَجْهُ التَّجَوُّزِ، وَعَدَمُ كَوْنِ الأَوَّلِ لَيْسَ بِرُخْصَةٍ، لأَنَّهُ لَمْ يَقُمْ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ دَلِيلٌ5.
"وَالاثْنَتَانِ" أَيْ الْعَزِيمَةُ وَالرُّخْصَةُ "وَصْفَانِ لِلْحُكْمِ" لا لِلْفِعْلِ فَتَكُونُ الْعَزِيمَةُ بِمَعْنَى التَّأْكِيدِ فِي طَلَبِ الشَّيْءِ، وَتَكُونُ الرُّخْصَةُ بِمَعْنَى التَّرْخِيصِ6. وَمِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَاقْبَلُوا رُخْصَةَ اللَّهِ" 7، وَمِنْهُ قَوْلُ أُمِّ
__________
1 رواه أحمد والبيهقي عن ابن عمر، ورواه الطبراني عن ابن عباس وابن مسعود، وهو حديث ضعيفن، وقال ابن طاهر: وفقه على ابن مسعود أصح. "انظر: فيض القدير 2/ 292، مسند أحمد 2/ 108".
2 ساقطة من ش ز.
3 انظر: الإحكام، الآمدي 1/ 133، المستصفى 1/ 98، فواتح الرحموت 1/ 118، أصول السرخسي 1/ 120، تيسير التحرير 2/ 232، مختصر الطوفي ص34.
4 في ض: العزم.
5 انظر: الموافقات 1/ 207، أصول السرخسي 1/ 130 التوضيخ على التنقيح 3/ 86، كشف الأسرار 2/ 320، تيسير التحرير 2/ 232، المستصفى 1/ 98.
6 انظر: المستصفى 1/ 98، 100، حاشية البناني 1/ 124، الإحكام، الآمدي 1/ 131، تيسير التحرير 2/ 228، التمهيد ص12، القواعد والفوائد الأصولية ص116، المدخل إلى مذهب أحمد ص71.
7 رواه مسلم اللفظ، وروى معناه أصحاب السنن وأحمد في صيام المسافر. "انظر: صحيح مسلم 1/ 478، 2/ 786، سنن النسائي 4/ 147، فيض القدير 5/ 381، تفيسر ابن كثير 2/ 374، مسند أحمد 5/ 58، تحفة الأحوذي بشرح الترمذي 3/ 397، سنن أبي داود 2/ 426، سنن ابن ماجة 1/ 531".
الصفحة 481