كتاب مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (اسم الجزء: 1)
الْمَمْلُوكِ: "لا يُكَلَّفُ مِنْ الْعَمَلِ مَا لا يُطِيقُ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ1، وَكَقَوْلِهِ2: "لا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ. فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3.
وَاحْتَجَّتْ الأَشْعَرِيَّةُ بِسُؤَالِ رَفْعِ التَّكْلِيفِ4 عَلَى جَوَازِ التَّكْلِيفِ بِالْمُسْتَحِيلِ لِغَيْرِهِ5.
وَاحْتَجَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَالآمِدِيُّ6 وَغَيْرُهُمَا7: بِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ التَّكْلِيفُ بِالْمُسْتَحِيلِ لَكَانَ مَطْلُوبَ الْحُصُولِ، لأَنَّهُ مَعْنَاهُ. وَهُوَ مُحَالٌ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ وُقُوعِهِ، لأَنَّهُ يَلْزَمُ تَصَوُّرُ الشَّيْءِ عَلَى خِلافِ مَاهِيَّتِهِ، وَاسْتِدْعَاءُ حُصُولِهِ فَرْعُ تَصَوُّرِ وُقُوعِهِ8.
__________
1 رواه مسلم عن أبي هريرة، وأوله: "للمملوك طعامه وكسوته، ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق". رواه أحمد والبيهقي ومالك والشافعي، ومعنى: لا يكلف: نفي بمعنى النهي، إلا ما يطيق الدوام عليه. "انظر: صحيح مسلم 3/ 138، الموطأ 2/ 980، مسند أحمد 2/ 247، فيض القدير 5/ 292".
2 في ز: ولقوله.
3 رواه البخاري ومسلم وأحمد والترمذي وأبو داود وابن ماجة عن أبي ذر، وهذا لفظ البخاري وابن ماجة، قال المناوي: ولا يكلفه: من التكليف وهو تحميل الشخص شيئاً معه كلفة، وقيل: هو الأمر بما يشق، أي لا يكلف من العمل "ما يغلبه" أي يعجز عنه، وتصر قدرته فيه مغلوبة، بعجزه عنه لمعظمه أو لصعوبته، فيحرم ذلك. "انظر: صحيح البخاري بحاشية السندي 1/ 15، صحيح مسلم 3/ 1283، تحفة الأحوذي بشرح الترمذي 6/ 75، سنن أبي داود 4/ 462، سنن ابن ماجة 2/ 1216، فيض القدير 1/ 221، مسند أحمد 5/ 158".
4 أي رفع التكليف بما لا يطاق في قوله تعالى: {رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} البقرة 276.
5 انظر: نهاية السول 1/ 188، الإحكام، الآمدي 1/ 135، 138، الروضة ص28.
6 الإحكام، له 1/ 135.
7 في ض: وغيرهم.
8 انظر: فواتح الرحموت 1/ 123، العضد على ابن الحاجب 2/ 9، تيسير التحرير 2/ 138، إرشاد الفحول ص9، مختصر الطوفي ص15.