كتاب مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (اسم الجزء: 1)
إذَا تَقَرَّرَ هَذَا: فَوَجْهُ الْقَوْلِ الأَوَّلِ الَّذِي فِي الْمَتْنِ: أَنَّهُ لَوْ كُلِّفَ بِنَفْيِ الْفِعْلِ لَكَانَ مُسْتَدْعًى حُصُولُهُ مِنْهُ، وَلا يُتَصَوَّرُ، لأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ لَهُ، لأَنَّهُ نَفْيٌ مَحْضٌ، وَرَدَّهُ أَبُو هَاشِمٍ فَقَالَ: بَلْ هُوَ مَقْدُورٌ1، وَلِهَذَا يُمْدَحُ بِتَرْكِ الزِّنَا، وَرَدُّوهُ بِأَنَّ عَدَمَ الْفِعْلِ مُسْتَمِرٌّ فَلَمْ تُؤَثِّرْ الْقُدْرَةُ فِيهِ2.
"وَيَصِحُّ" التَّكْلِيفُ "بِهِ" أَيْ بِالْفِعْلِ "حَقِيقَةً" أَيْ عَلَى الْحَقِيقَةِ لا الْمَجَازِ "قَبْلَ حُدُوثِهِ" أَيْ الْفِعْلِ3.
قَالَ الآمِدِيُّ: "اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى جَوَازِ التَّكْلِيفِ بِالْفِعْلِ قَبْلَ حُدُوثِهِ، سِوَى شُذُوذٍ مِنْ أَصْحَابِنَا"4.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إذَا تَقَدَّمَ الأَمْرُ عَلَى الْفِعْلِ كَانَ أَمْرًا عِنْدَنَا عَلَى الْحَقِيقَةِ.
قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الْمَالِكِيُّ5: نَقَلَ الأَكْثَرُونَ6 أَنَّهُ حَقِيقَةٌ. نَقَلَهُ
__________
1 يقول أبو هاشم، إن متعلق التكليف في النهي: هو العدم الأصلي، لأن تارك الزانى ممدوح حتى مع الغفلة عن ضدية ترك الزنا، وردَّ عليه بأن المدح إنما يكون عن كف النفس عن المعصية. "انظر: الإحكام، الآمدي 1/ 147، تيسير التحرير 2/ 135، التمهيد ص20، مختصر الطوفي ص17".
2 انظر: الإحكام، الآمدمي 1/ 147، المستصفى 1/ 90، العضد على ابن الحاجب 2/ 14.
3 انظر: الإحكام، الآمدي 1/ 148، العضد على ابن الحاجب 2/ 14، فواتح الرحموت 1/ 134، تيسير التحرير 2/ 141، المسودة ص55، إرشاد الفحول ص10.
4 الإحكام، له 1/ 148.
5 هو عبد الوهاب بن علي بن نصر بن أحمد بن الحسين، البغدادي، أبو محمد، الفقيه المالكي الأصولي الشاعر، الأديب العابد الزاهد، تولى القضاء بالعراق ومصر، له مؤلفات في الفقه، منها: "المعونة في شرح الرسالة" و "النصرة لمذهب مالك" مائة جزء، و "الإشراف على مسائل الخلاف"، و "شرح المدونة"، وله مؤلفات في الأصول منها: "أوائل الأدلة" و "الإفادة" و "التلخيص" و "التلقين"، وله "عين المسائل" توفي سنة 422 هـ بمصر "انظر: الديباج المذهب 2/ 26، وفيات الأعيان 2/ 387، شذرات الذهب 3/ 223، الفتح المبين 1/ 230، فوات الوفيات 2/ 44".
6 في ع: أكثرون.