كتاب مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (اسم الجزء: 1)

"وَ" الدَّلِيلُ "شَرْعًا" أَيْ فِي اصْطِلاحِ عُلَمَاءِ1 الشَّرِيعَةِ: "مَا" أَيْ الشَّيْءُ الَّذِي "يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ بِصَحِيحِ النَّظَرِ" - مُتَعَلِّقٌ بِالتَّوَصُّلِ- أَيْ بِالنَّظَرِ الصَّحِيحِ؛ مِنْ بَابِ إضَافَةِ الصِّفَةِ إلَى الْمَوْصُوفِ "فِيهِ" أَيْ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ "إلَى مَطْلُوبٍ خَبَرِيٍّ"2 مُتَعَلِّقٌ بِالتَّوَصُّلِ.
وَقَوْلُهُ "خَبَرِيٍّ" أَيْ تَصْدِيقِيٍّ.
وَإِنَّمَا قَالُوا "مَا يُمْكِنُ" وَلَمْ يَقُولُوا مَا "يُتَوَصَّلُ"، لِلإِشَارَةِ إلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ التَّوَصُّلُ بِالْقُوَّةِ، لأَنَّهُ يَكُونُ دَلِيلاً، وَلَوْ لَمْ يَنْظُرْ فِيهِ3.
وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: "مَا يُمْكِنُ" مَا لا يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ بِهِ إلَى الْمَطْلُوبِ، كَالْمَطْلُوبِ نَفْسِهِ، فَإِنَّهُ لا يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ [بِهِ] إلَيْهِ، أَوْ4 يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ "بِهِ" إلَى الْمَطْلُوبِ، لَكِنْ لا بِالنَّظَرِ كَسُلُوكِ طَرِيقٍ يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ بِهَا إلَى مَطْلُوبِهِ.
__________
1 في ش: أهل.
2 هذا التعريف الاصطلاحي للدليل حكاه الآمدي وابن الحاجب والسبكي والعبادي وزكريا الأنصاري والشوكاني وغيرهم "انظر الإحكام 1/ 9، العبادي على شرح الورقات ص48، المحلي على جمع الجوامع 1/ 124، العضد على ابن الحاجب 1/ 36، إرشاد الفحول ص5، فتح الرحمن ص33" وحدّه الباجي بأنه "ماصح أن يرشد إلى المطلوب الغائب عن الحواس" "الحدود ص38" وعرفه الباقلاني بأنه "ما أمكن أن يتوصل بصحيح النظر فيه إلى معرفة ما لا يعلم باضطراره" "الإنصاف ص5" وقال الزركشي: "هو ما يتوقف عليه العلم أو الظن بثبوت الحكم بالنظر الصحيح" "لقطة العجلان ص33" وقال الشريف الجرجاني: "هو الذي يلزم من العلم به العلم بشيء آخر". "التعريفات ص109".
3 قال الباجي: "إن الدليل هو الذي يصح أن يُستدل به ويسترشد ويتوصل به إلى المطلوب، وإن لم يكن استدلالٌ ولا توصَّل به أحد. ولو كان الباري جل وعلا خلق جماداً، ولم يخلق مَنْ يستدل به على أن له محدثاً، لكان دليلاً على ذلك وإن لم يستدل به أحد. فالدليل دليل لنفسه، وإن لم يُستدل به". "الحدود ص38".
4 في ش: و.

الصفحة 52