كتاب مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (اسم الجزء: 1)

الْحُكْمُ1.
"وَالنَّظَرُ هُنَا" أَيْ فِي اصْطِلاحِ أَهْلِ الشَّرْعِ: "فِكْرٌ يُطْلَبُ بِهِ" أَيْ بِالْفِكْرِ "عِلْمٌ أَوْ ظَنٌّ"2 وَإِنَّمَا قُلْت "هُنَا" لأَنَّ النَّظَرَ لَهُ مُسَمَّيَاتٌ غَيْرُ ذَلِكَ.
"وَالْفِكْرُ هُنَا: حَرَكَةُ النَّفْسِ مِنْ الْمَطَالِبِ إلَى الْمَبَادِئِ، وَرُجُوعُهَا" أَيْ حَرَكَةُ النَّفْسِ "مِنْهَا إلَيْهَا" أَيْ مِنْ الْمَبَادِئِ إلَى الْمَطَالِبِ.
وَيَرْسُمُ الْفِكْرُ بِهَذَا الْمَعْنَى "بِتَرْتِيبِ أُصُولٍ حَاصِلَةٍ فِي الذِّهْنِ؛ لِيَتَوَصَّلَ بِهَا إلَى تَحْصِيلِ غَيْرِ الْحَاصِلِ".
وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى حَرَكَةِ النَّفْسِ، الَّتِي يَلِيهَا الْبَطْنُ3 الأَوْسَطُ مِنْ الدِّمَاغِ الْمُسَمَّى بِالدُّودَةِ، وَتُسَمَّى فِي الْمَعْقُولاتِ فِكْرًا4، وَفِي الْمَحْسُوسَاتِ تَخْيِيلاً.
__________
1 حكى الشيرازي أن المستدل له يقع على الحكم؛ لأن الدليل يطلب له ويقع على السائل –الذي هو أعم من الخصم- لأنَّ الدليل يطلب له. "اللمع ص3".
2 قاله الشوكاني "إرشاد الفحول ص5" حكاه الآمدي عن القاضي إبي بكر الباقلاني وعرفه الشيرازي بقوله: "هو الفكر في حال المنطور فيه" "اللمع ص3" وذهب الآمدي إلى أن النظر "عبارة عن التصرف بالعقل في الأمور السابقة بالعلم والظن، المناسبة للمطلوب بتأليف خاص قصداً، لتحصيل ماليس حاصلاً في العقل". "الإحكام 1/ 10" وحكى القرافي للناظر تعريفات أخرى وأفاض في الكلام عليها في كتابه "شرح تنقيح الفصول" ص429 وما بعدها.
أما شروط النظر، فقد ذكر الشيرازي له شروطاً ثلاثة: "أحدها" أن يكون الناظر كامل الآلة. "والثاني" أن يكون نظره في دليل لا فيه شبهة. "والثالث" أن يستوفي الدليل ويرتبه على حقه، فيقدم ما يجب تقديمه، ويؤخر ما يجب تأخيره. "اللمع ص3".
3 في ش: البطين.
4 وعلى هذا حكى العبادي تعريف الفكر بأنه "حركة النفس في المعقولات. أي انتقالها فيها انتقالاً تدريجياً قصدياً" وشَرَحَه. "انظر العبادي على شرح الورقات ص44".

الصفحة 57