كتاب مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (اسم الجزء: 1)

"فَصْلٌ"
"مَا عَنْهُ الذِّكْرُ الْحُكْمِيُّ" أَيْ الْمَعْنَى الَّذِي يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْكَلامِ الْخَبَرِيِّ، مِنْ إثْبَاتٍ أَوْ نَفْيٍ تَخَيَّلَهُ، أَوْ لَفَظَ بِهِ، فَمَا عَنْهُ الذِّكْرُ الْحُكْمِيُّ: هُوَ مَفْهُومُ الْكَلامِ الْخَبَرِيِّ1.
قَالَ الْقَاضِي عَضُدُ الدِّينِ2: "الذِّكْرُ الْحُكْمِيُّ3 يُنْبِئُ عَنْ" 3 أَمْرٍ فِي نَفْسِك مِنْ إثْبَاتٍ أَوْ نَفْيٍ، وَهُوَ مَا عَنْهُ الذِّكْرُ الْحُكْمِيُّ4".
وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ الْحُكْمُ مَوْرِدَ الْقِسْمَةِ لِئَلاَّ يَلْزَمَ خُرُوجُ الْوَهْمِ وَالشَّكِّ عَنْ مَوْرِدِ الْقِسْمَةِ، عِنْدَ مَنْ مَنَعَ مُقَارَنَتَهُمَا لِلْحُكْمِ.
وَقَالَ أَيْضًا: "إنَّمَا جُعِلَ الْمَوْرِدُ "مَا عَنْهُ الذِّكْرُ الْحُكْمِيُّ"، دُونَ الاعْتِقَادِ أَوْ الْحُكْمِ، لِيَتَنَاوَلَ الشَّكَّ وَالْوَهْمَ مِمَّا لا اعْتِقَادَ وَلا حُكْمَ لِلذِّهْنِ فِيهِ"5.
"إمَّا أَنْ يَحْتَمِلَ مُتَعَلِّقَهُ" أَيْ مُتَعَلِّقَ مَا عَنْهُ الذِّكْرُ الْحُكْمِيُّ؛ وَهُوَ النِّسْبَةُ الْوَاقِعَةُ بَيْنَ طَرَفَيْ الْخَبَرِ فِي الذِّهْنِ "النَّقِيضَ بِوَجْهٍ" مِنْ الْوُجُوهِ، سَوَاءً كَانَ فِي الْخَارِجِ، أَوْ عِنْدَ الذَّاكِرِ، إمَّا بِتَقْدِيرِهِ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِتَشْكِيكِ مُشَكِّكٍ إيَّاهُ "أَوْ لا" يَحْتَمِلُ النَّقِيضَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ أَصْلاً.
__________
1 فإذا قلت "زيد قائم" أو "ليس بقائم" فقد ذكرت حكماً. فهذا المقول هو الذكر الحكمي. "العضد وحاشية الجرجاني عليه 1/ 58".
2 هو عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الغفار الأيجي الشافعي. قال الحافظ ابن حجر: "كان إماماً في المعقول، قائماً بالأصول والمعاني والعربية، مشاركاً في الفنون". أشهر كتبه "شرح مختصر ابن الحاجب" في أصول الفقه و "المواقف" في علم الكلام و "الفوئد الغياثية" في المعاني والبيان. توفي سنة 756هـ. "انظر ترجمته في الدرر الكامنة 2/ 429، بغية الوعاة 2/ 75، شذرات الذهب 6/ 174، البدر الطالع 1/ 326".
3 في ش: يبني على.
4 شرح العضد على مختضر ابن الحاجب 1/ 58.
5 شرح العضد على مختصر ابن الحاجب 1/ 61.

الصفحة 73