كتاب مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (اسم الجزء: 2)

وَ1قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: نَصَّ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي كِتَابِ "الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ": "أَنَّ كَلامَ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا إذَا شَاءَ كَيْفَ شَاءَ وَ2مَتَى شَاءَ بِلا كَيْفٍ"3.
قَالَ الْقَاضِي: قَوْلُهُ: "إذَا شَاءَ"، أَيْ أَنْ يُسْمِعَنَا. قَالَ أَحْمَدُ: لَمْ يَزَلْ اللَّهُ يَأْمُرُ بِمَا شَاءَ4 وَيْحُكُمْ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَافْتَرَقَ أَصْحَابُ أَحْمَدَ فِرْقَتَيْنِ. فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: كَلامُهُ لازِمٌ لِذَاتِهِ. وَالْحُرُوفُ وَالأَصْوَاتُ مُقْتَرِنَةٌ لا مُتَعَاقِبَةٌ. وَيُسْمِعُ كَلامَهُ مَنْ شَاءَ، وَأَكْثَرُهُمْ أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِمَا شَاءَ إذَا شَاءَ. وَأَنَّهُ نَادَى مُوسَى حِينَ كَلَّمَهُ، وَلَمْ يَكُنْ نَادَاهُ مِنْ قَبْلُ5.
وَاَلَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ قَوْلُ الأَشْعَرِيَّةِ: أَنَّ الْقُرْآنَ كَلامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ مَكْتُوبٌ فِي الْمَصَاحِفِ، مَحْفُوظٌ فِي الصُّدُورِ، مَقْرُوءٌ بِالأَلْسِنَةِ. قَالَ تَعَالَى: {فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} 6 {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} 7 وَفِي الْحَدِيثِ "لا تُسَافِرُوا بِالْقُرْآنِ إلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ
__________
1 ساقطة من ب ع ض.
2 ساقطة من ب ز ع ض.
3 انظر: الرد على الجهمية والزنادقة للإمام أحمد ص 232، 248 من العدد الثامن من مجلة أضواء الشريعة بالرياض.
4 في ب: يشاء.
5 انظر: مجموعة الرسائل والمسائل 3/ 73.
6 الآية 6 من التوبة.
7 الآية 49 من العنكبوت.

الصفحة 104