كتاب مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (اسم الجزء: 2)
يَتَكَلَّمُ إذَا شَاءَ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ. ذَكَرَهُمَا الْحَارِثُ الْمُحَاسِبِيُّ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَأَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ فِي كِتَابِ الشَّافِي1 عَنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ. وَذَكَرَهُمَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ فِي "أُصُولِهِ" اهـ2.
وَقَالَ الْحَافِظُ زَيْنُ الدِّينِ بْنُ رَجَبٍ3 فِي "الْمَنَاقِبِ": وَمِنْ الْبِدَعِ الَّتِي أَنْكَرَهَا أَحْمَدُ فِي الْقُرْآنِ: قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّ اللَّهَ تَكَلَّمَ بِغَيْرِ صَوْتٍ. فَأَنْكَرَ هَذَا الْقَوْلَ وَبَدَّعَ قَائِلَهُ. وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الْحَارِثَ الْمُحَاسِبِيَّ إنَّمَا هَجَرَهُ أَحْمَدُ لأَجْلِ ذَلِكَ. اهـ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَهَذَا سَبَبُ تَحْذِيرِ أَحْمَدَ مِنْ الْحَارِثِ الْمُحَاسِبِيِّ وَنَحْوِهِ مِنْ الْكِلابِيَّةِ. كَمَا أَمَرَ بِهَجْرِ الْقَائِلِ بِأَنَّ اللَّهَ لَمَّا خَلَقَ الْحُرُوفَ انْتَصَبَتْ الأَلِفُ وَسَجَدَتِ الْبَاءُ، وَشَدَّدَ فِي التَّنْفِيرِ عَنْهُ4. وَلَمَّا أَظْهَرُوا ذَلِكَ أَمَرَ
__________
1 في ش: الشافعي.
2 ساقطة من ش ز.
3 هو عبد الرحمن بن أحمد بن رجب، زين الدين، أبو الفرج الحنبلي، البغدادي، ثم الدمشقي، الحافظ الإمام المحدث الفقيه الواعظ. قال ابن العماد: "واشتغل بسماع الحديث، وكانت مجالس تذكيره للقلوب صارعة، وللناس عامة مباركة نافعة. وله مصنفات مفيدة، ومؤلفات عديدة. منها: "الذيل على طبقات الحنابلة"، و"القواعد الفقهية"، و"شرح جامع الترمذي"، و"شرح علل الترمذي"، و"شرح الأربعين النووية"، و"شرح البخاري إلى الجنائز"، و"اللطائف في الوعظ وأهوال القيامة". وكان زاهداً في الدنيا، راغباً عن أصحاب الولايات. توفي بدمشق سنة 795هـ.
انظر ترجمته في "الدرر الكامنة 2/ 428، البدر الطالع 1/ 328، ذيل تذكرة الحفاظ ص 367، طبقات الحفاظ ص 536، شذرات الذهب 6/ 339".
4 انظر: الإنصاف للباقلاني ص 102، مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي ص 185، 186.
الصفحة 107