كتاب مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (اسم الجزء: 2)

وَالأَصْلُ فِي الإِطْلاقِ: الْحَقِيقَةُ. قَالَ الأَشْعَرِيُّ: لَمَّا كَانَ يَسْمَعُهُ بِلا انْخِرَاقٍ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَلامُهُ بِلا حَرْفٍ وَلا صَوْتٍ.
وَذَكَرَ الْغَزَالِيُّ: "أَنَّ قَوْمًا جَعَلُوا الْكَلامَ حَقِيقَةً فِي الْمَعْنَى مَجَازًا فِي الْعِبَارَةِ. وَقَوْمًا عَكَسُوا، وَقَوْمًا قَالُوا: بِالاشْتِرَاكِ. فَهِيَ ثَلاثَةُ أَقْوَالٍ وَنُقِلَتْ عَنْ الأَشْعَرِيِّ1".
وَالْمَعْنَى النَّفْسِيُّ نِسْبَةٌ بَيْنَ مُفْرَدَيْنِ قَائِمَةٌ بِالْمُتَكَلِّمِ، وَنَعْنِي بِالنِّسْبَةِ بَيْنَ الْمُفْرَدَيْنِ: أَيْ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ الْمُفْرَدَيْنِ، تَعَلُّقَ أَحَدِهِمَا بِالآخَرِ، وَإِضَافَتَهُ إلَيْهِ عَلَى جِهَةِ الإِسْنَادِ الإِفَادِيِّ، بِحَيْثُ2 إذَا عُبِّرَ عَنْ تِلْكَ النِّسْبَةِ بِلَفْظٍ يُطَابِقُهَا وَيُؤَدِّي مَعْنَاهَا: كَانَ ذَلِكَ اللَّفْظُ إسْنَادًا إفَادِيًّا3. وَمَعْنَى قِيَامِ النِّسْبَةِ بِالْمُتَكَلِّمِ: مَا قَالَهُ الْفَخْرُ الرَّازِيّ4، وَهُوَ أَنَّ الشَّخْصَ إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ: اسْقِنِي مَاءً فَقَبْلَ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ قَامَ بِنَفْسِهِ تَصَوُّرُ حَقِيقَةِ السَّقْيِ وَحَقِيقَةِ الْمَاءِ وَالنِّسْبَةِ الطَّلَبِيَّةِ بَيْنَهُمَا. فَهَذَا هُوَ الْكَلامُ النَّفْسِيُّ. وَالْمَعْنَى الْقَائِمِ بِالنَّفْسِ، وَصِيغَةُ5 قَوْلِهِ: "اسْقِنِي مَاءً"، عِبَارَةٌ عَنْهُ 6وَدَلِيلٌ عَنْهُ6.
__________
= 508. وقد نسبه إلى الأخطل ابن هشام في شذور الذهب ص 28، وابن يعيش الحلبي في "شرح المفصل للزمخشري 1/ 21"، "والجاحظ في البيان والتبيين 1/ 218" والقرافي في شرح تنقيح الفصول ص 126 وغيرهم. انظر: معجم شواهد العربية 1/ 271.
1 المستصفى 1/ 100. وانظر: فواتح الرحموت 2/ 6، فتاوى ابن تيمية 12/ 67، القواعد والفوائد الأصولية ص 154، جمع الجوامع والمحلي عليه 2/ 104.
2 في ز ض ع ب: أي بحيث.
3 انظر: فواتح الرحموت 2/ 3، مختصر ابن الحاجب 2/ 18، جمع الجوامع وشرح المحلي عليه 2/ 103.
4 انظر الأربعين في أصول الدين للرازي ص 174، غاية المرام ص 97.
5 في د: وهو صيغة.
6 ساقطة من ش.

الصفحة 11