كتاب مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (اسم الجزء: 2)
وَقَالَ الْبَاقِلاَّنِيُّ: إنَّمَا نَسْمَعُ1 التِّلاوَةَ دُونَ الْمَتْلُوِّ، وَالْقِرَاءَةَ دُونَ الْمَقْرُوءِ2.
وَذَهَبَ الإِمَامُ أَحْمَدُ إمَامُ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ غَيْرِ مُدَافَعَةٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَأَصْحَابُهُ، وَإِمَامُ أَهْلِ الْحَدِيثِ بِلا شَكٍّ مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ - قَالَهُ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي أُصُولِهِ فِي الأَمْرِ، وَابْنُ قَاضِي الْجَبَلِ - إلَى أَنَّ الْكَلامَ لَيْسَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْعِبَارَةِ وَمَدْلُولِهَا، بَلْ الْكَلامُ حَقِيقَةً: هُوَ الْحُرُوفُ الْمَسْمُوعَةُ مِنْ الصَّوْتِ3، وَإِلَى ذَلِكَ الإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ.
"وَالْكَلامُ حَقِيقَةً" أَيْ الْمُتَبَادَرُ إلَى الذِّهْنِ عِنْدَ إطْلاقِهِ أَنَّهُ4 "الأَصْوَاتَ وَالْحُرُوفَ".
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الْمَعْرُوفُ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَتَكَلَّمُ بِصَوْتٍ، وَهُوَ قَوْلُ جَمَاهِيرِ فِرَقِ الأُمَّةِ. فَإِنَّ جَمَاهِيرَ الطَّوَائِفِ يَقُولُونَ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَتَكَلَّمُ5 بِصَوْتٍ، مَعَ تَنَازُعِهِمْ فِي أَنَّ كَلامَهُ هَلْ هُوَ مَخْلُوقٌ أَوْ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ قَدِيمٌ أَوْ حَادِثٌ، أَوْ مَا زَالَ يَتَكَلَّمُ6.
__________
1 في ع ض: تسمع.
2 الإنصاف للباقلاني ص 80. والمتلو هو اللفظ. والمكتوب هو أشكال الحروف. والمسموع هو الصوت. وأما التلاوة والكتابة والسماع بالمعاني المصدرية فإنما هي نسب بين التالي والمتلو، والكاتب والمكتوب، والسامع والمسموع. فطرفا كل من هذه النسب مخلوقان. وإنما القديم هو ما قام به سبحانه. وإطلاق المتلو والمحفوظ والمكتوب والمسموع على ما قام به سبحانه من قبيل وصف المدلول بصفة الدال. "انظر تعليق الشيخ محمد زاهد الكوثري على الإنصاف ص 80". ويقول الباقلاني أيضاً: "التلاوة غير المتلو، كما أن العبادة غير المعبود، والذكر غير المذكور، والدعاء غير المدعو. الإنصاف ص 82".
3 انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص 154.
4 ساقطة من ز.
5 في ش ز: تكلم.
6 انظر: فتاوى ابن تيمية 12/ 243، غاية المرام ص 88، الإنصاف للباقلاني ص 110.
الصفحة 13