كتاب مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (اسم الجزء: 2)
كَانَ عَرَبِيًّا، أَوْ السُّرْيَانِيَّةِ كَانَ سُرْيَانِيًّا. وَكَذَلِكَ فِي سَائِرِ اللُّغَاتِ، وَأَنَّهُ لا يَتَبَعَّضُ وَلا يَتَجَزَّأُ1. ثُمَّ اخْتَلَفُوا.
فَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُ: الْكَلامُ الْمُطْلَقُ حَقِيقَةً: هُوَ مَا فِي النَّفْسِ، شَاهِدًا أَوْ غَائِبًا، وَإِطْلاقُ الْكَلامِ عَلَى الْحُرُوفِ وَالأَصْوَاتِ مَجَازٌ.
وَقَالَ جُمْهُورُهُمْ: يُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِالاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ حَقِيقَةٌ فِي اللِّسَانِ مَجَازٌ فِي النَّفْسِيِّ.
وَلَيْسَ الْخِلافُ جَارِيًا فِي نَفْسِ الْكَلامِ، بَلْ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ الأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْخَبَرِ وَالتَّصْدِيقِ وَالتَّكْذِيبِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ عَوَارِضِ الْكَلامِ.
قَالَ الرَّازِيّ فِي "الأَرْبَعِينَ": "مَاهِيَّةُ ذَلِكَ الطَّلَبِ مُغَايِرَةٌ لِذَلِكَ اللَّفْظِ2، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وُجُوهٌ. أَحَدُهَا: أَنَّ مَاهِيَّةَ هَذَا الْمَعْنَى لا تَتَبَدَّلُ بِاخْتِلافِ الأَمْكِنَةِ وَالأَزْمِنَةِ، وَالأَلْفَاظَ الدَّالَّةَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى تَخْتَلِفُ بِاخْتِلافِ3 الأَزْمِنَةِ وَالأَمْكِنَةِ4".
__________
1 يقول الآمدي: "إن الكلام قضية واحدة، ومعلوم واحد، قائم بالنفس، وإن اختلاف العبارات والتعبيرات عنه إنما بسبب اختلاف المتعلقات والنسب والإضافات مما يقع به التضاد أو الاختلاف أو التعدد". "غاية المرام ص 115". وانظر: نفس المرجع ص 113، 115 وما بعدها، الإنصاف للباقلاني ص 106.
2 قال الرازي تحت عنوان في حقيقة الكلام: "اعلم أن الإنسان إذا أراد أن يقول: اسقني الماء، فإنه قبل أن يتلفظ بهذا اللفظ يجد في نفسه طلباً واقتضاءً لذلك الفعل، وماهية ذلك الطلب.... "الأربعين في أصول الدين ص 174".
3 في ش: باخلاف.
4 كتاب الأربعين ص 174.
الصفحة 27