كتاب مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (اسم الجزء: 2)
وَعَنْ الثَّالِثِ: أَنَّ1 الاسْتِكْبَارَ رُؤْيَةُ النَّفْسِ وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ ذَلِكَ.
قَالُوا: قَوْلُ عُمَرَ: "زَوَّرْتُ فِي نَفْسِي كَلامًا".
قُلْنَا: "زَوَّرَ" صَوَّرَ مَا يُرِيدُ النُّطْقَ2 بِهِ، أَوْ كَقَوْلِ الْقَائِلِ: زَوَّرْتُ فِي نَفْسِي بِنَاءً أَوْ سَفَرًا3.
قَالُوا: قَوْلُ الأَخْطَلِ:
إنَّ الْكَلامَ لَفِي الْفُؤَادِ4 وَإِنَّمَا ... جُعِلَ اللِّسَانُ عَلَى الْفُؤَادِ دَلِيلاً12
قُلْنَا: الْبَيْتُ مَوْضُوعٌ عَلَى الأَخْطَلِ. فَلَيْسَ هُوَ فِي نُسَخِ دِيوَانِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ لابْنِ ضَمْضَمٍ5. وَلَفْظُهُ: إنَّ الْبَيَانَ6. وَسَيَأْتِي:
وَقَالَ الآمِدِيُّ، فَإِنْ قِيلَ: إذَا جَعَلْتُمْ الْحَقَائِقَ - الَّتِي هِيَ الأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالْخَبَرُ وَالاسْتِخْبَارُ - شَيْئًا وَاحِدًا، لَزِمَكُمْ أَنْ تَرُدُّوا الصِّفَاتِ إلَى مَعْنًى وَاحِدٍ.
__________
1 ساقطة من ز ش.
2 في ز: والنطق.
3 قال ابن تيمية: "وقول عمر": "زوّرت في نفسي مقالة أردت أن أقولها"، حجة عليهم. قال أبو عبيد: التزوير إصلاح الكلام وتهيئته. قال: وقال أبو زيد: المزوَّرُ من الكلام والمزوق واحد، وهو المصلح الحسن. وقال غيره: زورت في نفسي مقالة، أي: هيأتها لأقولها. فلفظها يدل على أنه قدر في نفسه ما يريد أن يقوله، ولم يقله. "الإيمان ص 113".
4 في ز ع ب ض: إلخ.
5 هو سعيد بن ضمضم الكلابي، أبو عثمان، وفد على الحسن بن سهل وزير الخليفة المأمون. وله فيه أشعار جياد، وكان فصيحاً، وأخذ الناس عنه اللغة.
"انظر: إنباه الرواة 4/ 187، الفهرست لابن النديم ص 69". وفي ش ز ع ب ض: ضمضام.
6 انظر: الإيمان لابن تيمية ص 116.