كتاب مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (اسم الجزء: 2)

قَالَ أَبُو يُوسُفَ: مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ بِالْكَلامِ تَزَنْدَقَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا ارْتَدَى بِالْكَلامِ أَحَدٌ فَأَفْلَحَ1.
وَقَالَ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا أَحَبَّ الْكَلامَ أَحَدٌ فَكَانَ عَاقِبَتُهُ إلَى خَيْرٍ. وَقَالَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ الْمَالِكِيُّ2: الْبِدَعُ عِنْدَ مَالِكٍ وَسَائِرِ أَصْحَابِهِ هِيَ كُتُبُ الْكَلامِ وَالتَّنْجِيمِ وَشِبْهِ ذَلِكَ. لا تَصِحُّ إجَارَتُهَا، وَلا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِهَا3.
قَالَ الْحَافِظُ أَبُو نَصْرٍ، فَإِنْ قِيلَ: "الصَّوْتُ وَالْحَرْفُ إذَا ثَبَتَا فِي الْكَلامِ اقْتَضَيَا عَدَدًا، وَاَللَّهُ تَعَالَى وَاحِدٌ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ".
قِيلَ لَهُمْ: قَدْ بَيَّنَّا مِرَارًا أَنَّ اعْتِمَادَ أَهْلِ4 الْحَقِّ فِي هَذِهِ الأَبْوَابِ عَلَى السَّمْعِ. وَقَدْ وَرَدَ السَّمْعُ بِأَنَّ الْقُرْآنَ ذُو عَدَدٍ. وَأَقَرَّ الْمُسْلِمُونَ بِأَنَّهُ كَلامُ اللَّهِ تَعَالَى حَقِيقَةً لا مَجَازًا5، وَهُوَ صِفَةٌ قَدِيمَةٌ6، وَقَدْ عَدَّ الأَشْعَرِيُّ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى
__________
1 انظر: تبيين كذب المفتري ص 336، آداب الشافعي ومناقبه ص 182، طبقات الفقهاء الشافعية للعبادي ص 60.
2 هو محمد بن أحمد بن عبد الله، وقيل: محمد بن أحمد بن علي بن إسحاق بن خويز منداد، أبو عبد الله البصري المالكي، كان يجانب علم الكلام، وينافرُ أهلَه، ويحكم على الكل أنهم من أهل الأهواء، تفقه على الأبهري، له كتاب كبير في الخلاف، وكتاب في أصول الفقه، وكتاب في أحكام القرآن. وله اختيارات شواذّ، وتكلم فيه أبو الوليد الباجي. توفي سنة 390هـ تقريباً، وكان إماماً عالماً متكلماً فقيهاًَ أصولياً.
انظر ترجمته في "الديباج المذهب 2/ 229، طبقات المفسرين 2/ 68، الوافي بالوفيات 2/ 52، لسان الميزان 5/ 291، شجرة النور ص 103".
3 في ز ب ض: أهله.
4 في ز ع ب ض: أولي.
5 في ض: مجاز.
6 قال الباقلاني: بل كلامه قديم، صفة من صفات ذاته، كعلمه وقدرته وإرادته، ونحو ذلك من صفات الذات. "الإنصاف له ص 71".

الصفحة 50