كتاب مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (اسم الجزء: 2)

سَمِعُوا مِنْ مُوسَى1. فَلِمَ سُمِّيَ إذَنْ كَلِيمَ الرَّحْمَنِ2؟
وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا: لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ الْكَلامُ الَّذِي سَمِعَهُ مُوسَى إلاَّ صَوْتًا وَحَرْفًا، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مَعْنًى فِي النَّفْسِ وَفِكْرَةً وَرَوِيَّةً: لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَكْلِيمًا لِمُوسَى، وَلا هُوَ بِشَيْءٍ3 يُسْمَعُ، وَلا يَتَعَدَّى الْفِكْرَ وَالْمَرْئِيَّ، وَلا يُسَمَّى مُنَادَاةً4.
فَإِنْ قَالُوا: نَحْنُ لا نُسَمِّيهِ صَوْتًا مَعَ كَوْنِهِ مَسْمُوعًا.
قُلْنَا: الْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ.
أَحَدُهَا: أَنَّ هَذَا مُخَالَفَةٌ فِي اللَّفْظِ مَعَ الْمُوَافَقَةِ فِي الْمَعْنَى، فَإِنَّنَا لا نَعْنِي بِالصَّوْتِ إلاَّ مَا كَانَ مَسْمُوعًا.
الثَّانِي: أَنَّ لَفْظَ الصَّوْتِ قَدْ جَاءَتْ بِهِ الأَخْبَارُ وَالآثَارُ5، وَسَأَذْكُرُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى حِدَةٍ.
وَقَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ بَعْدَ ذَلِكَ: النِّزَاعُ فِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَكَلَّمَ بِحَرْفٍ وَصَوْتٍ أَمْ لا؟ وَمَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ: اتِّبَاعُ مَا وَرَدَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، اهـ كَلامُ الشَّيْخِ 6مُوَفَّقِ الدِّينِ7.
وَقَالَ الْحَافِظُ شِهَابُ الدِّينِ ابْنُ حَجَرٍ فِي "شَرْحِ الْبُخَارِيِّ7": "قَالَ
__________
1 انظر: فتح الباري 3/ 350.
2 انظر: توضيح المقاصد بشرح الكافية النونية 1/ 225.
3 في ز ش: بنبي. وفي ب وشرح الكافية: شيء.
4 انظر: فتح الباري 13/ 367، مجموعة الرسائل والمسائل 3/ 36، 131 وما بعدها، 146، توضيح المقاصد بشرح الكافية 1/ 226.
5 انظر: توضيح المقاصد بشرح النونية 1/ 226.
6 في ب ع ض: الموفق.
7 فتح الباري بشرح صحيح البخاري 13/ 353-354.

الصفحة 52