كتاب مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (اسم الجزء: 2)

قَالَ: "فَعَلَى هَذَا فَصَوْتُهُ1 صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ لا يُشْبِهُ2 صَوْتَ غَيْرِهِ؛ إذْ لَيْسَ يُوجَدُ شَيْءٌ مِنْ صِفَاتِهِ فِي صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ3".
قَالَ: "وَهَكَذَا4 قَرَّرَهُ الْمُصَنِّفُ - يَعْنِي بِهِ الْبُخَارِيَّ - فِي كِتَابِ خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ"5. اهـ.
وَحَدُّ الصَّوْتِ: مَا يَتَحَقَّقُ سَمَاعُهُ. فَكُلُّ مُتَحَقِّقٍ سَمَاعُهُ صَوْتٌ، وَكُلُّ مَا لا يَتَأَتَّى سَمَاعُهُ أَلْبَتَّةَ لَيْسَ بِصَوْتٍ6. وَصِحَّةُ الْحَدِّ كَوْنُهُ مُطَّرِدًا مُنْعَكِسًا7.
وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: "إنَّ الصَّوْتَ هُوَ الْخَارِجُ8 مِنْ هَوَاءٍ بَيْنَ جِرْمَيْنِ. فَغَيْرُ صَحِيحٍ؛ لأَنَّهُ يُوجَدُ سَمَاعُ الصَّوْتِ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ. كَتَسْلِيمِ الأَحْجَارِ، وَتَسْبِيحِ الطَّعَامِ وَالْجِبَالِ9، وَشَهَادَةِ الأَيْدِي وَالأَرْجُلِ وَحَنِيْنِ الْجِذْعِ10. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ
__________
1 في ش ز ب: صوته.
2 في ع: تشبه.
3 فتح الباري 13/ 353.
4 في ع: هذا.
5 خلق أفعال العباد ص 59. وانظر: فتح الباري 13/ 353.
6 انظر: الرد على الجهمية والمعتزلة، للإمام أحمد ص 236 من مجلة أضواء الشريعة العدد الثامن.
7 انظر في تعريف الصوت "مختصر الطوفي ص 41، التعريفات للجرجاني ص 118، شرح الكوكب المنير 1/ 103، 104".
8 في ض: خارج.
9 إن تسبيح الجبال ثابت في القرآن الكريم بقوله تعالى: {وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ} . الأنبياء/ 79. وقوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلاًَ يَا جِبَالُ أَوِّبِيْ مَعَهُ وَالطَّيْر} . سبأ/ 10. وقوله تعالى: {إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ} . الآية 18 من سورة ص.
10 وهو صوت الجذع الذي كان يخطب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم اتخذوا له منبراً فخطب عليه، فحنّ الجذع كحنين الناقة. وفي البخاري عن جابر: "فصاحت النخلة صياح.............=

الصفحة 56