كتاب مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (اسم الجزء: 2)

قَالَ ابْنُ حَزْمٍ1: "أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ2 عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَلَّمَ مُوسَى، وَعَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ كَلامُ اللَّهِ، وَكَذَا غَيْرُهُ مِنْ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ وَالصُّحُفِ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا. فَقَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ: إنَّ كَلامَ اللَّهِ صِفَةُ فِعْلٍ مَخْلُوقٍ3، وَأَنَّهُ كَلَّمَ مُوسَى بِكَلامٍ أَحْدَثَهُ فِي الشَّجَرَةِ. وَقَالَ أَحْمَدُ وَأَتْبَاعُهُ4: كَلامُ اللَّهِ هُوَ عِلْمُهُ لَمْ يَزَلْ، وَلَيْسَ بِمَخْلُوقٍ.
5وَقَالَتِ الأَشَاعِرَةُ6: كَلامُ اللَّهِ صِفَةُ ذَاتٍ لَمْ تَزَلْ7، وَلَيْسَ بِمَخْلُوقٍ7، وَهُوَ غَيْرُ8 عِلْمِ اللَّهِ، وَلَيْسَ لِلَّهِ تَعَالَى إلاَّ كَلامٌ وَاحِدٌ9. وَاحْتُجَّ لأَحْمَدَ: بِأَنَّ الدَّلائِلَ الْقَاطِعَةَ قَامَتْ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لا يُشْبِهُهُ
__________
1 هو علي بن أحمد بن سعيد بن حزم، أبو محمد الأموي الظاهري. قال ابن خلكان: "كان حافظاً عالماً بعلوم الحديث وفقهه، مستنبطاً للأحكام من الكتاب والسنة بعد أن كان شافعي المذهب، وكان متفنناً في علوم جمة، عاملاً بعلمه، زاهداً في الدنيا بعد الرئاسة التي كانت له ولأبيه، متواضعاً". له مصنفات كثيرة، منها: "الإيصال في فهم الخصال الجامعة لجمل شرائع الإسلام"، و"المحلى"، و"الإحكام لأصول الأحكام"، و"الفصل في الملل والنحل"، و"الإجماع"، و"طوق الحمامة" وغيرها. توفي سنة 456هـ.
انظر ترجمته في "تذكرة الحفاظ 3/ 1146، وفيات الأعيان 3/ 13، الفتح المبين 1/ 243، الصلة 2/ 415، بغية الملتمس ص 403، شذرات الذهب 3/ 299، طبقات الحفاظ ص 436".
2 في "الفصل في الملل": أهل الإسلام.
3 في ش ز ع ب ض: مخلوقة. وما أثبتناه في الأعلى من "الفصل في الملل".
4 في "الفصل": وقال أهل السنة ... وهو قول أحمد.
5 ساقطة من ش ز.
6 في "الفصل": الأشعرية.
7 في ش ز ع ب ض: يزل.
8 في ش ز ع ب ض: عين. وما أثبتناه في الأعلى من "الفصل في الملل".
9 الفصل في الملل 3/ 5. وانظر: فتح الباري 13/ 350-351، الإبانة للأشعري ص 19، الإنصاف للباقلاني ص 110 وما بعدها.

الصفحة 94