كتاب مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (اسم الجزء: 3)

"كُنْ أَبَا خَيْثَمَةَ" 1 لأَنَّ امْرَأَ الْقِيسِ قَدْ يَدَّعِي اسْتِفَادَةَ التَّمَنِّي مِنْهُ مِنْ " أَلا " لا2 مِنْ صِيغَةِ افْعَلْ، بِخِلافِ هَذَا الْمِثَالِ.
وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ " أَلا "3 قَرِينَةُ إرَادَةِ التَّمَنِّي بِافْعَلْ، وَأَمَّا " كُنْ فُلانًا " فَلَيْسَ أَنْ يَكُونَ إيَّاهُ، بَلْ الْجَزْمُ بِهِ، وَأَنْ يَنْبَغِيَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فَلَمَّا احْتَمَلَ أَنَّ هَذَا4 فِي الْمِثَالَيْنِ ذَكَرْتُهُمَا.
"وَ" الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ: كَوْنُهَا بِمَعْنَى "كَمَالِ الْقُدْرَةِ" نَحْوُ قوله تعالى: {إنَّمَا قَوْلُنَا5 لِشَيْءٍ إذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} 6 هَكَذَا سَمَّاهُ الْغَزَالِيُّ وَالآمِدِيُّ7.
__________
1 هذا الحديث رواه البخاري ومسلم.
"انظر: صحيح البخاري 3/86، صحيح مسلم 4/2122، رياض الصالحين ص20"
وأبو خيثمة هو الصحابي عبد الله بن خيثمة، الأنصاري السالمي المدني، شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أحداً وباقي المشاهد، وتأخر عن غزوة تبوك عدة أيام، وبعد أن سار رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل أبو خيثمة على اهله، فوجد امرأتين له في عريشتين لهما في حائط، قد رشت كل واحدة منهما عريشها وبردت له ماءً فيه ... فقال لنفسه: رسول الله صلى الله عليه وسلم في الضح والحر والريح، وأبو خيثمة في ظل باردٍ، وطعام، وامرأة حسناء، مقيم في ماله، ما هذا بالنصف، والله لاأدخل عريشة واحدة منكما حتى الحق بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك إذا شخص يزول يه السراب، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "كن أبا خيثمة"، فإذا هو أبو خيثمة، عاش إلى زمن يزيد بن معاوية.
انظر: ترجمته في "الإصابة 4/53، الإستيعاب 4/51، أسد الغابة 3/225، تهذيب الأسماء 2/224".
2 ساقطة من ض.
3 في ض: الأمر.
4 في ش ز: ان يكون هذا، وفي ض: هذين المثالين.
5 في ز ع ض ب: أمرنا، ولعل المقصود الآية الأخرى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} سورة يّس /82.
6 الآية 40 سورة النحل.
7 وسماه الغزالي في "المنخول134":نهاية الاقتدار، وسماه في "المستصفى 1/418": كمال القدرة.
"انظر: الإحكام للآمدي 2/143، فواتح الرحموت 2/9".

الصفحة 30