كتاب مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (اسم الجزء: 3)

تَعَالَى: {كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا} 1 وَتَقَدَّمَ أَنَّ بَعْضَهُمْ مَثَّلَ بِهِ لِلتَّعْجِيزِ2، وَأَنَّ ابْنَ عَطِيَّةَ قَالَ: فِيهِ نَظَرٌ3. قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ4: وَهُوَ الظَّاهِرُ5. فَإِنَّ التَّمْثِيلَ بِهِ لِلتَّعَجُّبِ أَوْضَحُ؛ لأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ التَّعَجُّبُ
"وَ" الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ: كَوْنُهَا بِمَعْنَى "إرَادَةِ امْتِثَالِ أَمْرٍ آخَرَ6" نَحْوُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "كُنَّ عَبْدَ اللَّهِ الْمَقْتُولَ، وَلا تَكُنْ عَبْدَ اللَّهِ الْقَاتِلَ" 7 فَإِنَّ8 الْمَقْصُودَ الاسْتِسْلامُ وَالْكَفُّ عَنْ الْفِتَنِ9.
فَهَذَا الَّذِي وَقَعَ اخْتِيَارُنَا عَلَيْهِ. وَقَدْ ذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَشْيَاءَ غَيْرَ
__________
1 الآية 50 من الإسراء.
2 في ض: لتعجيز.
3 صفحة 26.
4 في ض: قاله.
5 في ض: ظاهر.
6 انظر: جمع الجوامع 1/374.
7 هذا الحديث رواه الطبراني عن خباب بن الأرت، ورواه أحمد والحاكم عن خالد بن عرفطة بلفظ: "فإن استطعت أن تكون عبد الله المقتول، لا القاتل، فافعل" قال العجلوني: وبعضها يقوى بعضاً، وصحح الحاكم حديث حذيفة أنه قيل له: ما تأمرنا إذا اقتتل المصلون؟ قال: "آمرك أن تنظر أقصى بيت من دارك فتلج فيه، فإن دخل عليك، فتقول: ها بؤ بإثمي وإثمك، فتكون كابن آدم" وروى الإمام أحمد عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما يمنع أحدكم إذا جاء من يريد قتله أن يكون مثل ابني آدم: القاتل في النار، والمقتول في الجنة" وروى أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الفتنة: "كسروا فيها قسيكم وقطعوا أوتاركم، واضربوا بسيوفكم الحجارة، فإن دخل على أحدكم بيته، فليكن كخير ابني آدم" وفي رواية "كن كابن آدم".
"انظر: كشف الخفا 2/193 ط حلب، المستدرك 4/444، أسنى المطالب ص171، سنن أبي داود 2/415، 416، سنن ابن ماجة 2/1310، تحفة الأحوذي 6/437، مسند أحمد 4/416، 5/292، نيل الأوطار 5/368".
8 في ز: فإنما.
9 في ش: القتل.

الصفحة 35