كتاب مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (اسم الجزء: 3)

ووجه ذلك أن أمر الإيجاب طلبُ فعلٍ يُذَمُّ تاركُه إجماعًا ولا ذمَّ إلا على فعل، وهو الكفُّ عن المأمور به، أو1 الضدِّ، فيستلزمُ النهيُ عن ضده، أو النهيُ عن الكف عنه2.
ورده القائلُ بأن3 الأمرَ بمعيَّنٍ4 لا يكون نهيا عن ضده بأن الذَّمَ على الترك بدليل خارجي5 عن الأمر، وإن سُلِّم فالنهيُ طلبُ كَفٍّ عن فعل، لا عن كفٍّ، وإلا لزم تصورُ الكَفِّ عن الكَفِّ لكل أمر، والواقعُ خِلافُهُ6.
وفي هذا الرد نظرٌ ومَنْعٌ؛ ولأن المأمور به لا يتم إلا بترك ضده، فيكون مطلوبًا، وهو معنى النهي، والخلافُ في كون النهي عن شيء لا يكون أمرًا بضده، كالخلاف في كون الأمر بالشيء لا يكون نهيا عن ضده، والصحيح من الخلافين ما في المتن7.
"وَنَدْبٌ كَإِيجَابٍ" يَعْنِي أَنَّ حُكْمَ أَمْرِ النَّدْبِ حُكْمُ أَمْرِ الإِيجَابِ الْمُتَقَدِّمِ عِنْدَ الْقَاضِي8 وَغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَالأَكْثَرِ، إنْ قِيلَ
__________
1 في ع ب: و.
2 انظر: شرح تنقيح الفصول ص137, تيسير التحرير1/364 وما بعدها, العدة2/431.
3 في ش ز: أن
4 في ع ض ب: بمعنى
5 في ض ب: خارج.
6 انظر: تيسير التحرير1/365, مختصر ابن الحاجب والعضد عليه2/86 وما بعدها, جمع الجوامع والمحلي عليه1/389, إرشاد الفحول ص102, العدة1/370وما بعدها.
7 انظر أدلة هذه الأقوال مع مناقشتها بتفصيل في المراجع السابقة في هامش6 والمرجع المشار إليهما في الصفحة السابقة هامش5,2.
8 قال القاضي أبو يعلى:"إذا صرف الأمر عن الوجوب جاز أن يحتج به على الندب والجواز, ويكون حقيقة فيه, ولا يكون مجازاً, وهذا بناء على أصلنا: أن المندوب مأمور به" ثم ذكر أقوال الحنفية بخلاف ذلك, وأقوال الشافعية. "انظر: العدة2/374".

الصفحة 55