كتاب مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (اسم الجزء: 3)

وَاخْتَارَ أَنَّ الأَمْرَ بَعْدَ الْحَظْرِ لِلْوُجُوبِ. فَكَذَا بَعْدَ الاسْتِئْذَانِ عِنْدَهُ1 انْتَهَى.
إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَلا يَسْتَقِيمُ قَوْلُ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ لِمَا اسْتَدَلاَّ عَلَى نَقْضِ الْوُضُوءِ بِلَحْمِ الإِبِلِ بِالْحَدِيثِ الَّذِي فِي مُسْلِمٍ لَمَّا سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْوُضُوءِ2 مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ؟ 3فَقَالَ: "نَعَمْ يُتَوَضَّأُ 4 مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ" 5.
وَمِمَّا يُقَوِّي الإِشْكَالَ: أَنَّ فِي الْحَدِيثِ الأَمْرَ بِالصَّلاةِ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ6 وَهُوَ بَعْدَ سُؤَالٍ، وَلا يَجِبُ بِلا خِلافٍ، وَلا7 يُسْتَحَبُّ.
فَإِنْ قُلْت: إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلِمَ يَسْتَحِبُّونَ الْوُضُوءَ مِنْهُ؟ وَالاسْتِحْبَابُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ يَفْتَقِرُ إلَى دَلِيلٍ، وَعِنْدَهُمْ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ يَقْتَضِي الإِبَاحَةَ؟
قُلْت: إذَا قِيلَ بِاسْتِحْبَابِهِ فَلِدَلِيلٍ غَيْرِ هَذَا الأَمْرِ. وَهُوَ أَنَّ الأَكْلَ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ يُورِثُ قُوَّةً نَارِيَّةً، فَنَاسَبَ8 أَنْ تُطْفَأَ9 بِالْمَاءِ، كَالْوُضُوءِ عِنْدَ الْغَضَبِ، وَلَوْ كَانَ الْوُضُوءُ مِنْ أَكْلِ لُحُومِ10 الإِبِلِ وَاجِبًا عَلَى الأُمَّةِ، وَكُلُّهُمْ كَانُوا يَأْكُلُونَ لَحْمَ الإِبِلِ، لَمْ يُؤَخِّرْ بَيَانَ وُجُوبِهِ، حَتَّى يَسْأَلَهُ سَائِلٌ فَيُجِيبَهُ.
__________
1 القواعد والفوائد الأصولية ص170.
وانظر: المحصول ? 1 ق2/159, فواتح الرحموت 1/379, نهاية السول 2/41.
2 في ز ع ض ب: التوضئ, وكذا في"القواعد والفوائد الأصولية ص170" فالنص منقول منه مع تصرف بسيط.
3 ساقطة من ض.
4 في ب: توضأ.
5 صحيح مسلم1/275, ومر تخريج الحديث كاملاً في المجلد الثاني ص366.
6 ونصه"قال: أصلي في مرابض الغنم؟ قال: نعم" انظر: النووي على صحيح مسلم4/48.
7 في ع ض ب: بل ولا,
8 في ز ع ض ب: فيناسب.
9 في ش ز ع ض ب: يطفأ, والأعلى من" القواعد والفوائد الأصولية ص170".
10 في ع ض ب: لحم.

الصفحة 62