كتاب مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (اسم الجزء: 3)

الثَّانِي: أَنَّ1 النَّهْيَ لِدَفْعِ مَفْسَدَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَالأَمْرَ لِتَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ الْمَأْمُورِ بِهِ. وَاعْتِنَاءُ الشَّارِعِ بِدَفْعِ الْمَفَاسِدِ أَشَدُّ مِنْ جَلْبِ الْمَصَالِحِ.
الثَّالِثُ: أَنَّ الْقَوْلَ بِالإِبَاحَةِ فِي الأَمْرِ بَعْدَ التَّحْرِيمِ سَبَبُهُ وُرُودُهُ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ كَثِيرًا لِلإِبَاحَةِ. وَهَذَا غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي النَّهْيِ بَعْدَ الْوُجُوبِ2. انْتَهَى
"وَكَأَمْرٍ خَبَرٌ3 بِمَعْنَاهُ" يَعْنِي أَنَّ الأَمْرَ الَّذِي بِلَفْظِ الْخَبَرِ نَحْوُ قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} 4 حُكْمُهُ حُكْمُ الأَمْرِ الصَّرِيحِ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ؛ لأَنَّ الْحُكْمَ تَاجٌ لِلْمَعْنَى الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ دُونَ صُورَةِ اللَّفْظِ5.
وَكَذَا النَّهْيُ بِلَفْظِ الْخَبَرِ. وَمِنْهُ قوله تعالى: {لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} 6.
وَاسْتُدِلَّ عَلَى أَنَّهُمَا كَالأَمْرِ وَالنَّهْي الصَّرِيحِ بِدُخُولِ النَّسْخِ فِيهِمَا؛ إذْ الأَخْبَارُ الْمَحْضَةُ لا يَدْخُلُهَا النَّسْخُ 7.
"وَأَمْرٌ" مِنْ الشَّارِعِ "بِأَمْرٍ" لآخَرَ "بِشَيْءٍ لَيْسَ أَمْرًا بِهِ" أَيْ بِذَلِكَ الشَّيْءِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الأَكْثَرِ8. كَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ عَنْ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ: "مُرْهُ
__________
1 ساقطة من ب.
2 انظر: المعتمد 1/112 وما بعدها، نهاية السول 2/41، المحلي على جمع الجوامع 1/379، اللمع ص14، تيسير التحرير 1/352، 376، شرح تنقيح الفصول ص140 وما بعدها، الروضة 2/201، نزهة الخاطر 2/77، التمهيد ص81، مختصر الطوفي ص87، العدة 1/262.
3 في ب: خبراً.
4 الآية 228 من البقرة.
5 انظر: مختصر البعلي ص100.
6 الآية 79 من الواقعة.
7 قال بعض الحنابلة: الخبر بمعنى الأمر لا يحتمل الندب. "انظر: مختصر البعلي ص100".
8 وهو ما صححه ابن الحاجب والقرافي والفخر الرازي وابن عبد الشكور وغيرهم. "انظر: مختصر ابن الحاجب 2/93، شرح تنقيح الفصول ص148، المحصول ? 1 ق2/426، فواتح الرحموت 1/390، تيسير التحرير 1/361، مختصر البعلي ص102، الإحكام للآمدي 2/182، المستصفى 2/13، نهاية السول 2/58، جمع الجوامع 1/384، الروضة 2/207، التمهيد ص75، القواعد والفوائد الأصولية ص190، إرشاد الفحول ص107".

الصفحة 66