كتاب مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (اسم الجزء: 3)

ذَلِكَ. قَالَ: وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ نَفْيَ نَفْسِ الْفِعْلِ؛ لأَنَّ الْفِعْلَ مَوْجُودٌ مِنْ حَيْثُ الْمُشَاهَدَةِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ نَفْيَ حُكْمِهِ. فَإِذَا وُجِدَ الْفِعْلُ عَلَى الصِّفَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حُكْمٌ. فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يُؤَثِّرْ إيجَادُهُ. وَكَانَ. الْفَرْضُ1 الأَوَّلُ عَلَى عَادَتِهِ2.
وَيَدُلُّ لِلْفَسَادِ غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَيْضًا: الاعْتِبَارُ وَالْمُنَاقَضَةُ.
أَمَّا الاعْتِبَارُ3: فَلأَنَّ النَّهْيَ يَدُلُّ عَلَى تَعَلُّقِ مَفْسَدَةٍ بِالْمَنْهِيِّ عَنْهُ، أَوْ بِمَا. يُلازِمُهُ؛ لأَنَّ الشَّارِعَ حَكِيمٌ لا يَنْهَى عَنْ الْمَصَالِحِ. وَفِي الْقَضَاءِ بِإِفْسَادِهَا إعْدَامٌ لَهَا بِأَبْلَغِ الطُّرُقِ وَلأَنَّ النَّهْيَ عَنْهَا مَعَ رَبْطِ الْحُكْمِ بِهَا يُفْضِي4 إلَى التَّنَاقُضِ فِي الْحِكْمَةِ؛ لأَنَّ نَصْبَهَا سَبَبًا يُمَكِّنُ مِنْ التَّوَسُّلِ5، وَالنَّهْيُ يَمْنَعُ مِنْ التَّوَسُّلِ6، وَلأَنَّ حُكْمَهَا مَقْصُودُ الآدَمِيِّ وَمُتَعَلِّقُ غَرَضِهِ، فَتَمْكِينُهُ مِنْهُ حَثٌّ عَلَى تَعَاطِيهِ. وَالنَّهْيُ مَنْعٌ مِنْ التَّعَاطِي، وَلأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْسُدْ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ لَزِمَ مِنْ نَفْيِهِ لِكَوْنِهِ مَطْلُوبَ التَّرْكِ بِالنَّهْيِ حُكْمُه7ُ لِلنَّهْيِ، وَمِنْ ثُبُوتِهِ لِكَوْنِ الْفَرْضِ جَوَازَ التَّصَرُّفِ، وَصِحَّتُهُ
__________
1 في ش: الغرض.
2 انظر: تيسير التحرير 1/380، الروضة 2/217 وما بعدها، مباحث الكتاب والسنة ص130.
3 ساقطة من ض.
الاعتبار هو التقدير، وهو قريب من القياس في اللغة، والاعتبار في الاصطلاح: إيراد الحكم على وفق أمر آخر، ويأتي القياس والمصالح المرسلة باسم المناسب المعتبر، وهو كل وصف شهد الشرع باعتباره بأخذ فروع الأحكام.
"انظر: الكافية في الجدل ص62، إرشاد الفحول ص217، الوسيط في أصول الفقه ص24".
4 في ز ع ض ب: مفضٍ.
5 في ض ب: التوصل.
6 في ض ب: التوصل.
7 في ش ز: عن حكمه.

الصفحة 88