كتاب صحيح الكتب التسعة وزوائده

إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَرَاهُ الْوَلِيدَ أَبَا عَمْرِو بْنَ الْمُغِيرَةِ، فَأَوْمَأَ جِبْرِيلُ إِلَى أَبْجَلِهِ، فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ؟، قَالَ: كُفِيتُهُ، ثُمَّ أَرَاهُ الْأَسْوَدَ بْنَ الْمُطَّلِبِ فَأَوْمَى جِبْرِيلُ إِلَى عَيْنَيْهِ، فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ؟، قَالَ: كُفِيتُهُ، ثُمَّ أَرَاهُ الْأَسْوَدَ بْنَ عَبْدِ يَغُوثَ الزُّهْرِيَّ فَأَوْمَأَ إِلَى رَأْسِهِ، فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ؟، قَالَ كُفِيتُهُ، وَمَرَّ بِهِ الْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ فَأَوْمَأَ إِلَى أَخْمَصِهِ، فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ؟، قَالَ: كُفِيتُهُ، فَأَمَّا الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ فَمَرَّ بِرَجُلٍ مِنْ خُزَاعَةَ وَهُوَ يَرْيِشُ نَبْلًا لَهُ فَأَصَابَ أَبْجَلَهُ فَقَطَعَهَا، وَأَمَّا الْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ فَعَمِيَ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: عَمِيَ هَكَذَا وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: نَزَلَ تَحْتَ سَمُرَةٍ فَجَعَلَ يَقُولُ: يَا بَنِيَّ أَلَا تَدْفَعُونَ عَنِّي؟ قَدْ قُتِلْتُ، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: مَا نَرَى شَيْئًا، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى عَمِيَتْ عَيْنَاهُ، وَأَمَّا الْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ الزُّهْرِيُّ فَخَرَجَ فِي رَأْسِهِ قُرُوحٌ فَمَاتَ مِنْهَا، وَأَمَّا الْحَارِثُ بْنُ عَيْطَلٍ فَأَخَذَهُ الْمَاءُ الْأَصْفَرُ فِي بَطْنِهِ حَتَّى
خَرَجَ خُرْؤُهُ مِنْ فِيهِ فَمَاتَ مِنْهَا، وَأَمَّا الْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ يَوْمًا إِذْ دَخَلَ فِي رَأْسِهِ شِبْرِقَةٌ حَتَّى امْتَلَأَتْ مِنْهَا فَمَاتَ مِنْهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ: فَرَكِبَ إِلَى الطَّائِفِ عَلَى حِمَارٍ فَرَبَضَ بِهِ عَلَى شِبْرِقَةٍ فَدَخَلَتْ فِي أَخْمَصِ قَدَمِهِ شَوْكَةٌ فَقَتَلَتْهُ". (¬١)

باب سورة النحل
بَاب قَوْلِهِ تَعَالَى {إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ، فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ، لَا جَرَمَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ، إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ} [النحل/٢٢، ٢٣]
٨٦٨٥ - ٢٣٩٨٨ حم/٥٩٠ خد/٤٥٥٩ حب/ وَعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " ثَلَاثَةٌ لَا تَسْأَلْ عَنْهُمْ: رَجُلٌ نَازَعَ اللهَ رِدَاءَهُ، فَإِنَّ رِدَاءَهُ الْكِبْرُ، وَإِزَارَهُ الْعِزَّةُ، وَرَجُلٌ فِي شَكٍّ مِنْ أَمْرِ اللهِ، وَالْقَنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ". (¬٢)

بَاب قَوْلِهِ تَعَالَى {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ، وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا، وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ، ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ، فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا} [النحل: ٦٦ - ٦٩]
٨٦٨٦ - قَالَ الْبُخَارِيُّ ج ٦ ص ٨٢: {الأَنْعَامِ}: وَهِيَ تُؤَنَّثُ وَتُذَكَّرُ، وَكَذَلِكَ: النَّعَمُ، الأَنْعَامُ: جَمَاعَةُ النَّعَمِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: السَّكَرُ: مَا حُرِّمَ مِنْ ثَمَرَتِهَا. وَالرِّزْقُ الحَسَنُ: مَا أَحَلَّ اللهُ. {سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا}: " لَا يَتَوَعَّرُ عَلَيْهَا مَكَانٌ سَلَكَتْهُ.

بَاب قَوْلِهِ تَعَالَى: {زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ} [النحل: ٨٨]
٨٦٨٧ - ٦٠٨٧ ك/ عن مُجَاهِدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ شَجَرَةَ الرَّهَاوِيِّ - وَكَانَ مِنْ أُمَرَاءِ الشَّامِ -وَكَانَ مُعَاوِيَةُ يَسْتَعْمِلُهُ عَلَى الْجُيُوشِ، فَخَطَبَنَا ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: (إِنَّ لِجَهَنَّمَ سَاحِلًا كَسَاحِلِ الْبَحْرِ، فِيهِ هَوَامٌّ وَحَيَّاتٌ كَالنَّخْلِ، وَعَقَارِبٌ كَالْبِغَالِ، فَإِذَا اسْتَغَاثَ أَهْلُ جَهَنَّمَ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمْ، قِيلَ: اخْرُجُوا إِلَى السَّاحِلِ، فَيَخْرُجُونَ، فَيَأْخُذُ الْهَوَامُّ بِشِفَاهِهِمْ وَوُجُوهِهِمْ وَمَا شَاءَ اللهُ، فَيَكْشِفُهُمْ، فَيَسْتَغِيثُونَ فِرَارًا مِنْهَا إِلَى النَّارِ وَيُسَلِّطُ عَلَيْهِمُ الْجَرَبَ، فَيَحَكُّ وَاحِدٌ جِلْدَهُ حَتَّى يَبْدُوَ الْعَظْمُ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمْ: يَا فُلَانُ، هَلْ يُؤْذِيكَ هَذَا؟، فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: ذَلِكَ بِمَا كُنْتَ تُؤْذِي الْمُؤْمِنِينَ". (¬٣)
---------------
(¬١) (هق ١٧٧٣١، ودلائل النبوة: له (٢/ ٢١٦) وصححه الوادعى في "الصحيح المسند من دلائل النبوة " (١/ ٢٢٥). وصححه الضياء في "المختارة" (١٠/ ٩٧/ برقم ٩٤).
(¬٢) (٢٣٩٨٨ حم)، (٥٩٠ خد)، (٤٥٥٩ حب)، صَحِيح الْجَامِع: ٣٠٥٩، الصَّحِيحَة: ٥٤٢، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: ١٨٨٧). القُنوط: أشَدُّ اليأس من الشيء.
(¬٣) (٦٠٨٧ ك)، (هق في البعث والنشور) ٥٦٢، (الزهد لابن المبارك) ج ٢ ص ٩٥، انظر صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: ٣٦٧٧. الهَوامّ: جمع هامَّة، وهي كل ذات سُمٍّ يقتل، وأيضا هي ما يدب من الحشرات وإن لم يقتل.

الصفحة 1202