كتاب صحيح الكتب التسعة وزوائده

ولم يكن التصنيف في ذلك العصر مقصوراً على هؤلاء، بل هناك عدد كثير ممن صنَّف غيرهم، نذكر منهم:

١ - إبراهيم بن طَهْمان (ت ١٦٣ هـ):كتب الكثير، ودوّن كتبه التي أثنى عليها ابن المبارك بقوله: (إبراهيم بن طهمان صحيح الكتب) (¬١). ومن كتبه: التفسير، والسنن في الفقه، والعيدين، والمناقب (¬٢).

٢ - الحسين بن واقد المَرْوَزي (ت ١٥٩ هـ): له كتاب التفسير، وكتاب الوجوه في القرآن (¬٣).

٣ - زائدة بن قدامة الثقفي (ت ١٦٠ هـ): له كتب، منها: السنن، والقراءات، والتفسير، والزهد، والمناقب.

٤ - سفيان بن عيينة (١٩٨ هـ):له كتاب التفسير.

٥ - مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي ذئب (ت ١٥٨ هـ): له كتاب السنن، ويحتوي على الفقه، مثل: الصلاة، والطهارة، والصيام، والزكاة، والمناسك، وغير ذلك.
وله كتاب الموطأ، وقد يكون هو نفس السنن، وقد بقي هذا الموطأ لعدة قرون.
وتقدم أن معظم هذه المصنفات كان يضم أحاديث النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وما ورد عن الصحابة والتابعين، إلى أن رأى بعض الأئمة أن تفرد أحاديث النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - خاصة، وذلك على رأس المائتين، فصُنِّفَت المسانيد.
ثم جاء القرن الثالث فحدث طور آخر من أطوار تدوين السنة تجلى في إفراد حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتصنيف دون غيره من أقوال الصحابة والتابعين، فألفت المسانيد التي جمعت أحاديث كل صحابي على حدة، من غير مراعاة لوحدة الموضوع، كمسند الإمام أحمد، ومسند إسحاق بن راهويه، ومسند عثمان بن أبي شيبة وغيرها من المسانيد، ولم تقتصر هذه المسانيد على جمع الحديث الصحيح بل احتوت على الصحيح وغيره مما جعل الإفادة منها والوقوف على أحاديث مسألة معينة من الصعوبة بمكان إلا على أئمة هذا الشأن، خصوصاً وأنها لم ترتب على أبواب الفقه، والذي صنف منها على الابواب الفقهية مثل المصنف لعبد الرزاق وابن أبي شيبة أشتمل على المرفوع والموقوف والمقطوع وجمع الصحيح والحسن والضعيف والموضوع، مما حدا بإمام المحدثين في عصره محمد بن إسماعيل البخاري أن ينحو بالتأليف منحىً جديدًا اقتصر فيه على الحديث الصحيح فحسب - دون ما عداه - فألف كتابه الجامع الصحيح المشهور بـ (صحيح البخاري)، وجرى على منواله معاصره وتلميذه الإمام مسلم بن الحجاج القشيري فألف صحيحه المشهور بـ (صحيح مسلم)، وقد رتبا صحيحيهما على أبواب الفقه تسهيلاً على العلماء والفقهاء عند الرجوع إليهما لمعرفة حكم معين، فكان لهذين الإمامين الفضل بعد الله عز وجل في تمهيد الطريق أمام طالب الحديث ليصل إلى الحديث الصحيح بأيسر الطرق.
وقد تابعهما في التأليف على (أبواب الفقه)، أئمة كثيرون سواء ممن عاصرهم أو ممن تأخر عنهم، فألفت بعدهما السنن الأربعة المشهورة وهي: (سنن أبي داود) و (النسائي) و (الترمذي) و (ابن ماجة)، إلا أن هؤلاء الأئمة لم يلتزموا الصحة كما التزمها الإمامان البخاري ومسلم، فوُجد في هذه
---------------
(¬١) انظر: الجرح والتعديل (٢/ ١٠٨).
(¬٢) انظر: الفهرست للنديم (ص ٢٨٤)، ودراسات في الحديث النبوي (ص ٢٢٤).
وقد طبع جزء حديثي بعنوان: (مشيخة ابن طهمان) بتحقيق الدكتور محمد طاهر مالك الذي رجح في المقدمة (ص ٦) أن هذا الكتاب هو كتاب السنن في الفقه لابن طهمان، وأن كلمة (سنن) تصحّفت إلى (مشيخة).
(¬٣) الفهرست للنديم (ص ٢٨٤)، ودراسات في الحديث النبوي (ص ٢٤٢).

الصفحة 29