كتاب صحيح الكتب التسعة وزوائده

أَظُنُّ عَدَدًا يُذْكَرُ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَانَ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَيَجْعَلُ هَذَا الرَّجُلَ مِنْ طَيِّئٍ، فَأَرَى هَذِهِ قَدْ سُبِيَتْ، وَإِنَّمَا افْتَتَحُوهُمْ صُلْحًا، وَسُنَّةُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمُسْلِمِينَ: " أَنْ لَا سِبَاءَ عَلَى أَهْلِ الصُّلْحِ وَلَا رِقَّ، وَأَنَّهُمْ أَحْرَارٌ "، فَوَجْهُ هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدِي: أَنَّهَا إِنَّمَا رَقَّتْ لِلنَّفَلِ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِلشَّيْبَانِيِّ، فَلَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ مَرْجِعٌ، فَلِهَذَا أَمْضَاهَا لَهُ خَالِدٌ، وَلَوْلا ذَلِكَ مَا حَلَّ سِبَاؤُهَا وَلَا بَيْعُهَا ألَا تَرَى أَنَّهُ لَمْ يَسْتَرِقَّ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ غَيْرَهَا؟ ". (¬١)

٤٠٨ - ٥٤٤٣ خ / ١٤٥١٨ حم / ٢٨٨٤ د / ٣٦٣٦ ن / عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كَانَ بِالْمَدِينَةِ يَهُودِيٌّ، وَكَانَ يُسْلِفُنِي فِي تَمْرِي إِلَى الْجِدَادِ، وَكَانَتْ لِجَابِرٍ الْأَرْضُ الَّتِي بِطَرِيقِ رُومَةَ، فَجَلَسَتْ فَخَلَا عَامًا، فَجَاءَنِي الْيَهُودِيُّ عِنْدَ الْجَدَادِ وَلَمْ أَجُدَّ مِنْهَا شَيْئًا، فَجَعَلْتُ أَسْتَنْظِرُهُ إِلَى قَابِلٍ، فَيَأْبَى، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: "امْشُوا نَسْتَنْظِرْ لِجَابِرٍ مِنْ الْيَهُودِيِّ"، فَجَاءُونِي فِي نَخْلِي، فَجَعَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُكَلِّمُ الْيَهُودِيَّ، فَيَقُولُ: أَبَا الْقَاسِمِ، لَا أُنْظِرُهُ، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -؛ قَامَ فَطَافَ فِي النَّخْلِ، ثُمَّ جَاءَهُ فَكَلَّمَهُ، فَأَبَى، فَقُمْتُ فَجِئْتُ بِقَلِيلِ رُطَبٍ، فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَكَلَ، ثُمَّ قَالَ: "أَيْنَ عَرِيشُكَ يَا جَابِرُ؟ "، فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: "افْرُشْ لِي فِيهِ"، فَفَرَشْتُهُ، فَدَخَلَ فَرَقَدَ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ، فَجِئْتُهُ بِقَبْضَةٍ أُخْرَى، فَأَكَلَ مِنْهَا، ثُمَّ قَامَ فَكَلَّمَ الْيَهُودِيَّ، فَأَبَى عَلَيْهِ، فَقَامَ فِي الرِّطَابِ فِي النَّخْلِ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ قَالَ: "يَا جَابِرُ!، جُدَّ وَاقْضِ"، فَوَقَفَ فِي الْجَدَادِ، فَجَدَدْتُ مِنْهَا مَا قَضَيْتُهُ وَفَضَلَ مِنْهُ، فَخَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَشَّرْتُهُ، فَقَالَ: "أَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ". (¬٢)

٤٠٩ - ٣١٥ م / عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَدَّثَهُ، قَالَ: كُنْتُ قَائِمًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَجَاءَ حِبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ!، فَدَفَعْتُهُ دَفْعَةً كَادَ يُصْرَعُ مِنْهَا، فَقَالَ: لِمَ تَدْفَعُنِي؟، فَقُلْتُ: أَلَا تَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ!؟، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: إِنَّمَا نَدْعُوهُ بِاسْمِهِ الَّذِي سَمَّاهُ بِهِ أَهْلُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ اسْمِي مُحَمَّدٌ الَّذِي سَمَّانِي بِهِ أَهْلِي"، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: جِئْتُ أَسْأَلُكَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَيَنْفَعُكَ شَيْءٌ إِنْ حَدَّثْتُكَ؟ "، قَالَ: أَسْمَعُ بِأُذُنَيَّ، فَنَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِعُودٍ مَعَهُ، فَقَالَ: "سَلْ"، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: أَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ؟، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "هُمْ فِي الظُّلْمَةِ دُونَ الْجِسْرِ"، قَالَ: فَمَنْ أَوَّلُ النَّاسِ إِجَازَةً؟، قَالَ: "فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ"، قَالَ الْيَهُودِيُّ: فَمَا تُحْفَتُهُمْ حِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ؟، قَالَ: "زِيَادَةُ كَبِدِ النُّونِ"، قَالَ: فَمَا غِذَاؤُهُمْ عَلَى إِثْرِهَا؟، قَالَ: "يُنْحَرُ لَهُمْ ثَوْرُ الْجَنَّةِ الَّذِي كَانَ يَأْكُلُ مِنْ أَطْرَافِهَا"، قَالَ: فَمَا شَرَابُهُمْ عَلَيْهِ؟، قَالَ: "مِنْ عَيْنٍ فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا"، قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: وَجِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنْ شَيْءٍ لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ رَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ، قَالَ: "يَنْفَعُكَ إِنْ حَدَّثْتُكَ؟ "، قَالَ: أَسْمَعُ
بِأُذُنَيَّ، قَالَ: جِئْتُ أَسْأَلُكَ عَنْ الْوَلَدِ، قَالَ: "مَاءُ الرَّجُلِ أَبْيَضُ، وَمَاءُ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ، فَإِذَا اجْتَمَعَا فَعَلَا مَنِيُّ الرَّجُلِ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ أَذْكَرَا بِإِذْنِ اللَّهِ، وَإِذَا عَلَا مَنِيُّ الْمَرْأَةِ مَنِيَّ الرَّجُلِ آنَثَا بِإِذْنِ اللَّهِ"، قَالَ الْيَهُودِيُّ: لَقَدْ صَدَقْتَ وَإِنَّكَ لَنَبِيٌّ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَذَهَبَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَقَدْ سَأَلَنِي هَذَا عَنْ الَّذِي سَأَلَنِي عَنْهُ وَمَا لِي عِلْمٌ بِشَيْءٍ مِنْهُ؛ حَتَّى أَتَانِيَ اللَّهُ بِهِ". (¬٣)

٤١٠ - ٢٥١٠ حم / ٣١١٧ ت / عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: حَضَرَتْ عِصَابَةٌ مِنْ الْيَهُودِ نَبِيَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا، فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ!، حَدِّثْنَا عَنْ خِلَالٍ نَسْأَلُكَ عَنْهُنَّ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِيٌّ، قَالَ: "سَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ، وَلَكِنْ اجْعَلُوا لِي ذِمَّةَ اللَّهِ وَمَا أَخَذَ يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلَام عَلَى بَنِيهِ، لَئِنْ حَدَّثْتُكُمْ شَيْئًا فَعَرَفْتُمُوهُ لَتُتَابِعُنِّي عَلَى الْإِسْلَامِ"، قَالُوا: فَذَلِكَ لَكَ، قَالَ: "فَسَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ"، قَالُوا: أَخْبِرْنَا عَنْ أَرْبَعِ خِلَالٍ نَسْأَلُكَ عَنْهُنَّ: أَخْبِرْنَا أَيُّ الطَّعَامِ حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ؟، وَأَخْبِرْنَا كَيْفَ مَاءُ الْمَرْأَةِ وَمَاءُ الرَّجُلِ، كَيْفَ يَكُونُ الذَّكَرُ مِنْهُ؟، وَأَخْبِرْنَا كَيْفَ هَذَا النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ فِي النَّوْمِ؟، وَمَنْ وَلِيُّهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ؟، قَالَ: "فَعَلَيْكُمْ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ لَئِنْ أَنَا
---------------
(¬١) (٤٤٨ الأموال. لأبي عبيد القاسم بن سلام). وقال الألباني في صحيح موارد الظمآن ١٤٢٧: حديث قوي مرسل.
(¬٢) الْجَدَادِ: قطع ثمار النخل
(¬٣) تُحْفَتُهُمْ: هديتهم / إِثْرِهَا: بعدها

الصفحة 84