كتاب السنة قبل التدوين
- صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أم لا (¬1). ويحتج لذلك بقوله - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ -: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِى وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ» (¬2)، وقوله أَيْضًا: «تَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلاَّ وَاحِدَةً، قَالُوا: وَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي» (¬3).
ومن أبرز ما ثبت من السُنَّة بهذا المعنى «سُنَّةُ الصَّحَابَةِ» حَدَّ الخمر، وتضمين الصناع، وجمع المصاحف في عهد أبي بكر برأي الفاروق، وحمل الناس على القراءة بحرف واحد من الحروف السبعة، وتدوين الدواوين ... وما أشبه ذلك مما اقتضاه النظر المصلحي الذي أقرَّهُ الصحابة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ - (¬4).
وأعني بالسُنَّة في بحثي هذا ما أراده المُحَدِّثُونَ، وهي ما يرادف الحديث عند جمهورهم. وإنْ كان بعضهم يُفرِّقُ بينهما. فيرى الحديث ما ينقل عن النبي - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ -، والسُنَّة ما كان عليه العمل المأثور في الصدر الأول، ولذلك قد تَرِدُ أحاديث تخالف السُنَّةَ المعمول بها، فيلجأ العلماء حينئذٍ إلى التوفيق والترجيح، وعلى ذلك يحمل قول عبد الرحمن بن مهدي: «لَمْ أرَ أَحَدًا قَطُّ أَعْلَمَ بِالسُنَّةِ وَلاَ بِالحَدِيثِ الذِي يَدْخُلُ فِي السُنَّةِ مِنْ حَمَّادٍ بْنَ زَيْدٍ» (¬5).
وكذلك قوله عندما سئل عن سفيان الثوري والأوزاعي ومالك: «سُفْيَانُ
¬__________
(¬1) انظر " المدخل إلى السنة وعلومها ": ص 11 و " الحديث والمحدثون ": ص 9 و " السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي ": ص 60.
(¬2) من حديث طويل رواه العرباض بن سارية: " سنن أبي داود ": ص 506 جـ 2، الطبعة الأولى لمصطفى البابي الحلبي: سَنَةَ 1371 هـ.
(¬3) انظر " المقاصد الحسنة ": ص 158، و " سنن ابن ماجه ": ص 1322 جـ 2 و " الموافقات ": ص 5 - 6 جـ 4.
(¬4) انظر " المقاصد الحسنة ": ص 158، و " سنن ابن ماجه ": ص 1322 جـ 2 و " الموافقات ": ص 5 - 6 جـ 4.
[تنبيه]: في الطبعة الثانية: رمضان 1408 هـ - أبريل 1988 م، نشر مكتبة وهبة - مصر ورد في الهامش الآتي: (3 و 4) انظر " المدخل إلى السنة وعلومها ": ص 11 - 13 و " السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي ": ص 60.
(¬5) تقدمة " الجرح والتعديل ": ص 177.
الصفحة 19
652