كتاب السنة قبل التدوين

«إِنَّ أَحْسَنَ الحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرُ الهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وهكذا أصبح القرآن أحسن الحديث، ثم حدَّدَ معنى الحديث أخيراً بأخبار الرسول، سأل أبو هريرة رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ القِيَامَةِ؟ فقال له الرسول: «لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَلاَّ يَسْأَلَنِي عَنْ هَذَا الحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ؛ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ» (¬1).

وقد سبق أن ذكرتُ معنى الحديث مرادفاً للسُنّة عند المُحَدِّثِينَ، وقيل الحديث ما جاء عن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والخبر ما جاء عن غيره، ومن ثم قيل لمن يشتغل بالسُنَّة مُحَدِّثٌ، وبالتواريخ ونحوها إخباري» (¬2).

وقال ابن حجر في " شرح نخبة الفكر ": «الخَبَرُ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْفَنِّ مُرَادِفٌ لِلْحَدِيثِ، فَيُطْلَقَانِ عَلَى الْمَرْفُوعِ وَعَلَى الْمَوْقُوفِ وَالْمَقْطُوعِ»، فيشمل ما جاء عن الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعن الصحابة والتابعين، وقيل بينهما عموم وخصوص مطلق فكل حديث خبر ولا عكس.

وقد سمَّى المُحَدِّثُونَ المرفوع والموقوف من الأخبار (أثراً). إلاَّ أنَّ فقهاء خراسان يُسمُّون الموقوف بالأثر، والمرفوع بالخبر (¬3).

فخلاصة القول:
إذا أطلق لفظ (الحديث) أريد به ما أضيف إلى النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
¬__________
(¬1) " نظرة عامة في تاريخ الفقه الإسلامي ": ص 116 والحديث أخرجه البخاري " فتح الباري": ص 204 جـ 1.
(¬2) انظر " تدريب الراوي ": ص 6 و " منهج ذوي النظر ": ص 8.
(¬3) انظر المرجع السابق: ص 6 و " منهج ذوي النظر ": ص 8 و " المنهج الحديث في علوم الحديث ": ص 31.

الصفحة 21