كتاب السنة قبل التدوين
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يكثر من الرواية في ذلك العهد، حتى إنَّ منهم من كان لا يحدث حَدِيثًا فِي السُنَّةِ، ونرى من تأخذه الرعدة، ويقشعر جلده، وَيَتَغَيَّرُ لَوْنُهُ وَرَعًا واحترامًا لحديث رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ومن هذا، مَا رَوَاهُ عَمْرُو بْنَ مَيْمُونٍ، قَالَ: " مَا أَخْطَأَنِي ابْنُ مَسْعُودٍ عَشِيَّةَ خَمِيسٍ إِلاَّ أَتَيْتُهُ فِيهِ، قَالَ: فَمَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ لِشَيْءٍ قَطُّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ عَشِيَّةٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَنَكَسَ، قَالَ: «فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ، فَهُوَ قَائِمٌ مُحَلَّلَةً، أَزْرَارُ قَمِيصِهِ، قَدْ اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ، وَانْتَفَخَتْ أَوْدَاجُهُ» قَالَ: «أَوْ دُونَ ذَلِكَ، أَوْ فَوْقَ ذَلِكَ، أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، أَوْ شَبِيهًا بِذَلِكَ» (¬1).
وَقَالَ أَنَسُ بْنَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: «لَوْلاَ أَنِّي أَخْشَى أَنْ أُخْطِئَ لَحَدَّثْتُكُمْ بِأَشْيَاءَ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» (¬2). وَكَانَ إِذَا حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدِيثًا فَفَرَغَ مِنْهُ، قَالَ: أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللِه - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (¬3)، وكذلك كان يفعل أبو الدرداء وغيره.
وَجَالَسَ الشَّعْبِيُّ ابْنَ عُمَرَ سَنَةً فَمَا سَمِعَهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا (¬4).
وَرُوِيَ عَنْ أَنَسِ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّهُ لَيَمْنَعُنِي أَنْ أُحَدِّثَكُمْ حَدِيثًا كَثِيرًا
¬__________
(¬1) " سنن ابن ماجه ": ص 8 جـ 1. نكس أي طأطأ رأسه وخفضه.
وانظر نحوه في " مسند الإمام أحمد ": ص 46 حديث 4015 جـ 6 وفي " الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ": ص 98: آ.
(¬2) " سنن الدارمي ": ص 77 جـ 1.
(¬3) " سنن ابن ماجه ": ص 8 جـ 1 و " سنن الدارمي ": ص 84 جـ 1 و " السنن الكبرى " للبيهقي: ص 11 جـ 1.
(¬4) " سنن الدارمي ": ص 84 جـ 1 وانظر " السنن الكبرى ": ص 11 جـ 1 وأخرجه ابن ماجه في " سننه ": ص 8 جـ 1.
الصفحة 93