كتاب شرح مشكل الآثار (اسم الجزء: 3)

995 - كَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الْأَشْعَثِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْثَرُ بْنُ الْقَاسِمِ أَبُو زُبَيْدٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا صَلَاةٌ أَثْقَلَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَصَلَاةِ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا مِنَ الْفَضْلِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا " فَهَذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ قَدْ نَقَلَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اسْمِ هَذِهِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ الْعِشَاءُ مَكَانَ مَا نَقَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْهُ فِي اسْمِهَا أَنَّهُ الْعَتَمَةُ. وَتَصْحِيحُ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ الْأَمْرَ الَّذِي كَانَتْ الْعَرَبُ تَعْرِفُهُ فِي اسْمِ هَذِهِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ الْعَتَمَةُ لَا الْعِشَاءُ، وَكَانَ السَّبَبُ فِي تَسْمِيَتِهَا إِيَّاهَا ذَلِكَ الِاسْمَ مَا قَدْ ذُكِرَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رَسُولِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ} [النور: 58] فَصَارُوا إِلَى اسْمِهَا الَّذِي سَمَّاهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[31]- مَا قَالَهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي رَوَيْنَاهُ. وَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الَّذِي حَكَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ عَنْ َسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اسْمِهَا الَّذِي ذَكَرَهَا بِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ الْعَتَمَةُ - وَاللهُ أَعْلَمُ - فَقَالَ قَائِلٌ فَمَا مَعْنَى هَذَا الِاسْمِ، يَعْنِي: الْعِشَاءَ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ وَاللهُ أَعْلَمُ: أَنَّ ذَلِكَ أُخِذَ مِنَ الظُّلْمَةِ الَّتِي تُعْشِي الْأَبْصَارَ، وَرُدَّ اسْمُ هَذِهِ الصَّلَاةِ إِلَى مِثْلِ أَسْمَاءِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ سِوَاهَا؛ لِأَنَّ الصُّبْحَ سُمِّيَتْ بِالصُّبْحِ لِأَنَّهَا تُصَلَّى عِنْدَ الْإِصْبَاحِ، وَسُمِّيَتْ صَلَاةُ الْفَجْرِ صَلَاةَ الْفَجْرِ لِأَنَّهَا تُصَلَّى بِقُرْبِ الْفَجْرِ، وَسُمِّيَتْ صَلَاةُ الظُّهْرِ صَلَاةَ الظُّهْرِ لِأَنَّهَا تُصَلَّى عِنْدَ الظَّهِيرَةِ، وَسُمِّيَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ صَلَاةَ الْعَصْرِ لِأَنَّهَا تُصَلَّى بَعْدَ الْإِعْصَارِ وَهُوَ التَّأَخُّرُ، وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ

الصفحة 30