كتاب شرح مشكل الآثار (اسم الجزء: 3)

1009 - كَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ -[42]- عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ وُلَاةً مِنَ النَّبِيِّينَ، وَإِنَّ وَلِيِّي مِنْهُمْ أَبِي خَلِيلُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ إِبْرَاهِيمُ "، ثُمَّ قَرَأَ: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا} [آل عمران: 68] الْآيَةَ -[43]- وَقَالُوا: فَلَمَّا كَانَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ خَلِيلًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إِلَّا مِنَ الْخُلَّةِ الَّتِي هِيَ نِهَايَةُ الْمَحَبَّةِ وَإِذَا كَانَ الْمَعْنَى فِي أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ خَلِيلٌ هُوَ هَذَا الْمَعْنَى كَانَ الْمَعْنَى الَّذِي كَانَ بِهِ خَلِيلًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ ذَلِكَ الْمَعْنَى أَيْضًا وَاللهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ فِي ذَلِكَ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَمِمَّا اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى اسْتِوَاءِ الْوِلَايَةِ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ خَلْقِهِ وَمَعْنَى مَنْ يَتَوَلَّى الله عَزَّ وَجَلَّ مِنْ خَلْقِهِ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} [المائدة: 55] الْآيَةَ وَقَالَ: {إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ} [الأعراف: 196] وَقَالَ: {أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف: 101] وَقَالَ: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس: 62] فِي أَشْبَاهٍ لِذَلِكَ قَدْ ذَكَرَهَا عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ، وَكَانَتِ الْوِلَايَةُ فِيهَا مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لِمَنْ يَتَوَلَّاهُ مِنْ عِبَادِهِ كَالْوِلَايَةِ الَّتِي يَتَوَلَّى الله عَزَّ وَجَلَّ مَنْ يَتَوَلَّاهُ لَا غَيْرَ ذَلِكَ. وَإِذَا كَانَتِ الْوِلَايَةُ فِيمَا ذَكَرْنَا كَذَلِكَ كَانَتِ الْخُلَّةُ فِيمَا وَصَفْنَا أَنَّهَا كَذَلِكَ , وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. وَسَأَلَ سَائِلٌ عَنِ الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ لَمْ يَتَّخِذْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ وَعَوْنِهِ وَهُوَ مَا بَيَّنَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُ وَهُوَ خُلَّةُ الْإِسْلَامِ، وَلِمَا أَخْبَرَ بِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي الْمُعَلَّى مِنْ وُدِّ الْإِيمَانِ وَكَانَتِ الْخُلَّةُ إِنَّمَا تَتَّخِذُ نَسَبَهَا بِالْمَوَدَّةِ الَّتِي قَدْ تَكُونُ وَلَا إِسْلَامَ مَعَهَا وَكَانَ مَا لَا يَكُونُ إِلَّا بِالْإِسْلَامِ أَوْ بِالْإِيمَانِ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ فَرَدَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَانَ أَبِي بَكْرٍ مِنْهُ إِلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى وَجَعَلَهُ فَوْقَ الْخَلِيلِ وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقُ

الصفحة 41