كتاب شرح مشكل الآثار (اسم الجزء: 6)

2545 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ خَثْعَمٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّ أَبِي أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ رُكُوبَ الرَّحْلِ , وَالْحَجُّ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: " وَأَنْتَ أَكْبَرُ وَلَدِهِ؟ " قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: " أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكَ دَيْنٌ فَقَضَيْتَ عَنْهُ، أَكَانَ يُجْزِئُ عَنْهُ؟ " قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: " فَاحْجُجْ عَنْهُ "
2546 - وَحَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالُوا جَمِيعًا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَبِي شَيْخٌ -[373]- كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَالظَّعْنَ. قَالَ: " حُجَّ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ جَوَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَّذِي سَأَلَهُ أَوْ لِلَّتِي سَأَلَتْهُ عَنِ الْحَجِّ عَنْ أَبِيهِ، أَوْ عَنْ أَبِيهَا، أَوْ عَنْ أُمِّهِ، أَوْ عَنْ أُمِّهَا، مَا فِيهَا مِنْ قَوْلِهِ لِسَائِلِهِ أَوْ لِسَائِلَتِهِ: " أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى -[374]- أَبِيكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِيه، أَكَانَ ذَلِكَ يُجْزِئُ عَنْهُ؟ " أَيْ: وَكَمَا يُجْزِئُ ذَلِكَ عَنْهُ بِقَضَائِكَ إِيَّاهُ عَنْهُ، فَكَذَلِكَ يُجْزِئُ عَنْهُ الْحَجُّ الَّذِي عَلَيْهِ بِقَضَائِكَ إِيَّاهُ عَنْهُ. فَقَالَ قَائِلٌ: فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الْحَجَّ يُقْضَى عَنْ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ يُقْضَى الدَّيْنُ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ، وَاسْتَدَلَّ بِذَلِكَ أَنْ جَعَلَ مَا يَحُجُّ بِهِ عَنْهُ مِنَ الْمَالِ دَيْنًا عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ، وَدَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ، حَتَّى يُقْضَى ذَلِكَ عَنْهُ. فَعَارَضْنَاهُ نَحْنُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ، فَقُلْنَا: لَا دَلِيلَ لَكَ فِي ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ دَيْنٌ كَمَا ذَكَرْتَ، وَلَكِنَّهُ حَقٌّ فِي بَدَنِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ حَتَّى يُخْرَجَ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ، أَوْ حَتَّى يُخْرِجَ إلَيْهِ غَيْرُهُ مِنْهُ عَنْهُ كَمَا الدَّيْنُ فِي ذِمَّةِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ حَتَّى يُخْرَجَ إِلَى الَّذِي هُوَ لَهُ مِنْهُ , أَوْ حَتَّى يُخْرِجَ إلَيْهِ مِنْهُ غَيْرُهُ عَنْهُ , وَلَوْ كَانَ دَيْنًا لَكَانَ مُحَالًا أَنْ يُشَبَّهَ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ إِنَّمَا تُشَبَّهُ بِغَيْرِهَا وَلَا تُشَبَّهُ بِأَنْفُسِهَا، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ دَلَّ تَشْبِيهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ بِالدَّيْنِ أَنَّهُ غَيْرُ دَيْنٍ , وَكَانَ طَلَبُ الْوَجْهِ فِي حُكْمِهِ بَعْدَ وَفَاةِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ أَنْ يُقْضَى مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ أَوْ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ كَمَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ لَا دَلَالَةَ عَلَيْهِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ، غَيْرَ أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعْنًى يَجِبُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَنَّ مَنْ قَضَى دَيْنًا عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ إِيَّاهُ بِذَلِكَ، بَرِئَ مِنْهُ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ وُجُوبِ مِثْلِهِ لِلَّذِي قَضَاهُ عَنْهُ عَلَيْهِ، كَمَا يَقُولُهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ فِي ذَلِكَ، لَا كَمَا يَقُولُهُ مَالِكٌ وَمَنْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّ ذَلِكَ الدَّيْنَ يَرْجِعُ إِلَى الَّذِي قَضَاهُ عَنِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ. وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ

الصفحة 372