كتاب شرح مشكل الآثار (اسم الجزء: 6)

فَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ قَتَادَةَ بْنَ دِعَامَةَ حَدَّثَهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ يُهِلُّ يَقُولُ: لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ عَنْ شُبْرُمَةَ. قَالَ: وَمَا شُبْرُمَةُ؟ قَالَ: رَجُلٌ أَوْصَى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ. قَالَ: " أَحَجَجْتَ أَنْتَ؟ " قَالَ: لَا. قَالَ: " فَابْدَأْ أَنْتَ فَحُجَّ عَنْ نَفْسِكَ، ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ ". قَالَ: فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ إِنَّمَا عَادَ إِلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَا إِلَى رِوَايَةٍ مِنْهُ إِيَّاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي ذَلِكَ مَا -[382]- يَنْفِي الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ الَّذِي رَوَيْنَاهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا حَدِيثُ أَبِي قِلَابَةَ مِنْ رِوَايَةِ أَيُّوبَ هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ لَا مَرْفُوعٌ عَنْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي قِلَابَةَ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ فَهُوَ مَرْفُوعٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ دَخَلَهُ الِانْقِطَاعُ الَّذِي فِيهِ بَيْنَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي قِلَابَةَ. فَقَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ دَخَلَ فِي حَدِيثِ عَمْرٍو عَنْ قَتَادَةَ مَا قَدْ دَخَلَ، وَهُوَ قَوْلُهُ: إِنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ حَدَّثَهُ وَقَتَادَةَ، فَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ شَيْئًا، فَذَلِكَ دَلِيلُ أَنَّ عَمْرًا لَمْ يَضْبِطْهُ عَنْ قَتَادَةَ، كَمَا ضَبَطَهُ عَنْهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ جَلَّ وَعَزَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ عَمْرًا ضَبَطَ مِمَّا يَظُنُّ وَالَّذِي جَاءَ مِمَّا ظُنَّ هُوَ مِنْ عَمْرٍو، لَمْ يَكُنْ مِنْ قِبَلِ عَمْرٍو، وَلَكِنَّهُ مِنْ قِبَلِ قَتَادَةَ لِحَذَاقَتِهِ بِالتَّدْلِيسِ حَتَّى يَجُوزَ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى مَنْ يَسْمَعُهُ مِنْهُ كَمَا جَازَ مِثْلُهُ فِي غَيْرِهِ عَلَى غَيْرِ عَمْرٍو مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِنَا عَلَى الْكَرَابِيسِيِّ مِمَّا نَحْنُ مُسْتَغْنُونَ بِهِ عَنْ إعَادَتِهِ هَاهُنَا، -[383]- ثُمَّ أَرَدْنَا أَنْ نَنْظُرَ إِلَى مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ سِوَى مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ فِيهِ مِنَ الْآثَارِ لِنَتَبَيَّنَ ثُبُوتَهَا أَوْ سُقُوطَهَا.

الصفحة 381