كتاب شرح مشكل الآثار (اسم الجزء: 11)

4268 - وَحَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو قِلَابَةَ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي قُشَيْرٍ، عَنْ عَمِّهِ، ثُمَّ لَقِينَاهُ يَوْمًا، فَقَالَ لَهُ أَبُو قِلَابَةَ: حَدَّثَهُ، يَعْنِي أَيُّوبَ، فَقَالَ الشَّيْخُ: حَدَّثَنِي عَمِّي: أَنَّهُ ذَهَبَ فِي إِبِلٍ لَهُ، فَانْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ -[41]- يَتَغَدَّى، فَقَالَ: " هَلُمَّ إِلَى الْغَدَاءِ "، فَقُلْتُ: إِنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ: " إِنَّ اللهَ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ نِصْفَ الصَّلَاةِ، وَالصَّوْمَ " فَقَالَ قَائِلٌ: قَدْ رَوَيْتَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ أَنَّ الصَّلَاةَ، فُرِضَتْ أَوَّلَ مَا فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ، وَأَنَّ الزِّيَادَةَ فِيهَا عَلَى ذَلِكَ فِي الْحَضَرِ طَارِئٌ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ، وَفِيمَا رَوَيْتَهُ فِي هَذَا الْبَابِ: أَنَّ اللهَ تَعَالَى وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلَاةِ، وَلَا يَضَعُ إِلَّا مَا قَدْ كَانَ ثَابِتًا قَبْلَ أَنْ يَضَعَهُ، فَهَذَا اخْتِلَافٌ شَدِيدٌ. فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: أَنَّهُ لَا اخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْوَضْعِ مِنْهُ عَزَّ وَجَلَّ تَرْكُهُ فَرْضَ مَا وَضَعَهُ عَنْ مَنْ وَضَعَهُ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَانَ مَفْرُوضًا عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا قَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَثْبِيتِهِمْ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا مِنْ كِتَابِنَا هَذَا مِنْ قَوْلِهِ: " رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبَرَ، وَعَنَ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ " وَلَمْ يَكُنْ مَا ذَكَرَ رَفْعَهُ عَنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ كَانَ مَكْتُوبًا عَلَيْهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا مَعْنَى: رُفِعَ عَنْهُمْ فَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِمْ، فَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ -[42]- إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلَاةِ، أَيْ: لَمْ يَكْتُبْهُ عَلَيْهِ، لَا أَنَّهُ كَانَ مَكْتُوبًا عَلَيْهِ قَبْلَ وَضْعِهِ إِيَّاهُ عَنْهُ، ثُمَّ وَضَعَهُ عَنْهُ. فَبَانَ بِحَمْدِ اللهِ تَعَالَى وَنِعْمَتِهِ أَنْ لَا اسْتِحَالَةَ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.

الصفحة 40