كتاب شرح مشكل الآثار (اسم الجزء: 13)

بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَدِّهِ حُكْمَ الْعَائِدِ فِي صَدَقَتِهِ إِلَى الْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ، مَنْ هُوَ؟ قَدْ رُوِّينَا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ مَنْعُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْعَوْدِ فِي الصَّدَقَةِ بِمَا مَنَعَ مِنَ الْعَوْدِ فِيهَا بِهِ، فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْمُتَصَدِّقِ بِهَا مِلْكُهَا، وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ مِلْكُهَا يَحِلُّ لَهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ الَّتِي فِيهِ، فَاحْتَجْنَا إِلَى الْوُقُوفِ عَلَى الْحَقِيقَةِ فِي ذَلِكَ، مَا هِيَ؟
5030 - فَوَجَدْنَا الْمُزَنِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: " حَمَلَتْ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَأَضَاعَهُ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَبْتَاعَهُ مِنْهُ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُ بَائِعُهُ بِرُخْصٍ، فَقَالَ: " لَا تَبْتَعْهُ، وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ، وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ، فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ، كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ " -[28]-

5031 - وَوَجَدْنَا يَزِيدَ بْنَ سِنَانٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي كَثِيرٍ الْأَنْصَارِيَّ، قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ فَكَانَ فِي هَذَا الْبَابِ رَدُّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُكْمَ الْعَائِدِ فِي صَدَقَتِهِ إِلَى الْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ، وَالْكَلْبُ فَغَيْرُ مُتَعَبَّدٍ بِتَحْرِيمٍ وَلَا تَحْلِيلٍ كَبَنِي آدَمَ الْمُتَعَبَّدِينَ بِالتَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ، وَمِمَّا تُعُبِّدُوا بِهِ تَحْرِيمُ قَيْئِهِمْ عَلَيْهِمْ، وَكَانَ الْكَلْبُ لَيْسَ كَهُمْ فِي ذَلِكَ، لِأَنَّ عَوْدَهُ فِي قَيْئِهِ، إِنَّمَا هُوَ كَعَوْدِهِ فِي قَذَرٍ؟، لَا عَوْدٌ فِي مُحَرَّمٍ عَلَيْهِ، وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ عَوْدَ الْمُتَصَدِّقِ فِي صَدَقَتِهِ، إِنَّمَا هُوَ عَوْدٌ فِي قَذَرٍ، لَا عَوْدٌ فِي حَرَامٍ، وَلَا أَنَّهُ لَا يَقَعُ مِلْكُهُ عَلَى مَا تَصَدَّقَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ بِعَوْدِهِ فِيهِ، كَمَا لَا يَقَعُ مِلْكُهُ عَلَى الْأَشْيَاءِ الْمُحَرَّمَاتِ عَلَيْهِ بِأَعْيَانِهَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا

الصفحة 27