كتاب شرح مشكل الآثار (اسم الجزء: 15)

كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: رَأَيْتُ طَاوُسًا وَنَافِعًا يَرْفَعَانِ أَيْدِيَهُمَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ. قَالَ حَمَّادٌ: وَرَأَيْتُ طَاوُسًا وَأَيُّوبَ يَفْعَلَانِهِ " فَكَانَ فِعْلُ نَافِعٍ هَذَا مِمَّا قَدْ دَلَّ عَلَى مَا رَوَاهُ عَنْهُ مَنْ سِوَاهُ، وَكَانَ بِمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مِنْ تَمَسُّكِ أَيُّوبَ بِذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ كَانَ عِنْدَهُ فِيهِ كَذَلِكَ، إِمَّا بِأَنْ يَكُونَ فِي حَدِيثِ نَافِعٍ تَقْصِيرٌ عَنْ ذِكْرِهِ، أَوْ يَكُونَ أَخَذَهُ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ فَعَمِلَ بِهِ. وَقَدْ كَانَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ يَذْهَبُ فِي ذَلِكَ هَذَا الْمَذْهَبَ أَيْضًا
كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: " كَانَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ يَرْفَعُ يَدَيْهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ " وَفِيمَا ذَكَرْنَا تَحْقِيقٌ لِمَا قَدْ بَيَّنَّا فِي الْبَابِ مِمَّا يُوجِبُ قَبُولَ هَذِهِ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ مَالِكٍ، وَسُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَإِلَّا لَزِمَ -[50]- مُخَالَفَتَهُ فِيمَا رَوَاهُ نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَعُبَيْدِ اللهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي تَرْكُ شَيْءٍ فَعَلَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ بِمَا يُوجِبُ تَرْكُهُ، بَلْ مَنْ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنَ الصَّلَاةِ إِلَّا عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ عُذِرَ فِي ذَلِكَ، إِذْ كَانَ قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ بَعْدَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِخِلَافِهِ، وَمَا كَانَ ابْنُ عُمَرَ لِيَتْرُكَ مَا قَدْ كَانَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَفْعَلُهُ إِلَّا لِمَا يُوجِبُ لَهُ ذَلِكَ مِنْ نَسْخٍ لَهُ أَوْ مِمَّا سِوَاهُ. فَقَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رَوَى طَاوُسٌ، فَيَكُونُ طَاوُسٌ، وَابْنُ عُمَرَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِمَّا رَوَاهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَامَتْ عِنْدَهُ الْحُجَّةُ بِمَا يُوجِبُ نَسْخَ ذَلِكَ، فَتَرَكَهُ وَصَارَ إِلَى مَا رَآهُ مُجَاهِدٌ عَلَيْهِ، هَذَا الْأَوْلَى بِنَا فِي الْآثَارِ، وَفِي حَمْلِهَا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، لَا سِيَّمَا وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ.

الصفحة 49