كتاب صراع مع الملاحدة حتى العظم

الصنف الرابع: منافقون من فئة المنحرفين نفسياً الجانحين جنوحاً أخلاقياً.
والمنافقون مخادعون جبناء يتظاهرون بالإسلام نفاقاً، ويبطنون كفرهم القائم على الضلال، أو القائم على الانحراف والإصرار على الباطل، وهؤلاء في الدرك الأسفل من دركات الكفر، لأنهم قد جمعوا قبح الكفر وقبح النفاق وما يلازمه من صفات الكذب والخداع والاستهزاء وغير ذلك من صفات المنافقين.

والنصوص القرآنية قد أوضحت أصناف الكافرين، واشتملت فاتحة الكتاب على ذكر المضلين والمغضوب عليهم، وهو يعم منافقي هذين الصنفين، وبسط القرآن أحوال أصناف الكافرين في مواضع كثيرة، وكشف صفاتهم وأعمالهم ببيانات مستفيضة.

* من يُحكم عليهم بالكفر؟
تطبيقاً للمفاهيم الإسلامية التي تحدِّد مواقع الكفر نستطيع أن نحكم بالكفر حكماً إسلامياً على من جحد بذات الله أو بصفات الثابتة بيقين، أو جعل مع الله إلهاً آخر، أو أنكر رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - أو جحد بآيات الله وكتابه أو بشيء منه ثابت فيه بيقين، أو كذَّب الرسول بشيء مما بلَّغه عن ربه وثبتت نسبته إليه بيقين ثبوتاً قطعياً، أو أنكر شيئاً من أركان الإيمان، أو أركان الإسلام، أو جحد بحقيقة ثابتة في الإسلام ثبوتاً قطعياً.

لذلك حكم الله بالكفر على الذين قالوا: إن الله هو المسيح بن مريم، فقال تعالى في سورة (المائدة/5 مصحف/112 نزول) :
{لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُو?اْ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَللَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}

أي فالذي لا يستطيع دفع الهلاك عن نفسه إذا أراد الله أن يهلكه كيف تدَّعي له الإلهية، والإلهية هي للرب الخالق لا للعبد المخلوق.

الصفحة 356