كتاب صراع مع الملاحدة حتى العظم

والمسيح عيسى عليه السلام أمر قومه في دعوته لهم بأن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئاً، وأوضح لهم أن الله ربه وربهم، خلقه كما خلقهم، وأوضح لهم أنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه جهنم بسبب كفره وظلمه الكبير، قال الله تعالى في سورة (المائدة/5 مصحف/112 نزول) :
{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُو?اْ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَابَنِي? إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ}

وحكم الله بالكفر على الذين قالوا: إن الله ثالث ثلاثة لأنهم جحدوا إحدى الحقائق الكبرى من حقائق الإيمان، وهي حقيقة أن الله واحد وليس مركباً من ثلاثة، فقال تبارك وتعالى عقب الآية السابقة:
{لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُو?اْ إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ اله إِلاَّ اله وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}

وناقش الله أصحاب عقيدة التثليث بقوله بعد ذلك:
{مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}
وهذه المناقشة تقوم على إثبات البشرية للمسيح وأمه، استناداً إلى بعض أوصافهما البشرية المعروفة فيهما، إذ كانا يأكلان الطعام، ومن يأكل الطعام لا يمكن عقلاً أن يكون إلها ً، ومن كان بشراً مخلوقاً فإنه لا يملك لمن يعبده ضراً ولا نفعاً، ومن لا يملك نفعاً ولا ضراً فإنه لا يستحق أن يتقرب إليه بالعبادة.

وحكم الله بالكفر على الذين كذَّبوا بالقرآن، فقال تعالى في سورة (فصِّلت/41 مصحف/61 نزول) :

الصفحة 357