كتاب صراع مع الملاحدة حتى العظم

فالدوافع لهداية الناس إلى الإيمان وفعل الصالحات تنبع من منابع الحب وإرادة الخير للناس أجمعين.

ولو أن الناس كلهم كفروا بالله وعصوه لما كانوا يضرون الله شيئاً، ولو أنهم جميعاً آمنوا به وأطاعوه لما نفعوا الله شيئا ً، ولما زادوا في ملكه شيئاً، ولكن الله يحب لعباده أن يؤمنوا ويصلحوا حتى يسعدوا، ويكره لهم أن يكفروا ويفسدوا حتى لا يكونوا من أهل الشقاوة والعذاب.

وقد جاء في الحديث القدسي الثابت في الصحيح، أن الله تعالى قال: "يا عبادي: إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي: لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً. يا عبادي: لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً. يا عبادي: لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد، فسألوني، فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المِخيَط إذا أدخل البحر. يا عبادي: إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه".

وما تضمنه هذا الحديث القدس نجده في نصوص عدة من القرآن الكريم.

فمنها قول الله تعالى لرسوله في سورة (آل عمران/3 مصحف/89 نزول) :
{وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللَّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللَّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ لَن يَضُرُّواْ اللَّهَ شَيْئاً وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}

فالله تبارك وتعالى يخفف عن رسوله صلوات الله عليه حالة الحزن التي كانت تعتريه، حين يشاهد بعض قومه يسارعون في الكفر، ويبين له أن وظيفته في الناس التبليغ والدعوة إلى الله، وليست وظيفته تحويل الناس إلى الهداية، فإنهم هم المسؤولون عن أنفسهم وعن سلوك سبيل الهداية، ويبيِّن له أيضاً أن الذين يسارعون

الصفحة 360