كتاب صراع مع الملاحدة حتى العظم

في الكفر والذين اشتروا الكفر بالإيمان لن يضروا الله شيئاً.

أي: فالحرص على إيمانهم خدمةٌ لهم وغيرَةٌ عليهم ورغبةٌ في نجاتهم وسعادتهم.

ومنها قول الله تعالى في سورة (محمد/47 مصحف/95 نزول) :
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَشَآقُّواْ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَن يَضُرُّواْ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ}

فهؤلاء الذين اختاروا الكفر، وأضافوا إليه الصد عن سبيل الله. ومعاداة الرسول، من بعد ما تبين لهم الهدى، إنهم في أعمالهم هذه كلها لن يضروا الله شيئاً، وما يعملونه من أعمال للصد عن سبيل الله ومناهضة الرسول ومقاومة الإسلام والمسلمين فسيحبطها الله وسينصر أولياءه.

فلن يضروا الله شيئاً، ولن يضروا أولياه وحملة رسالته إذا صدق هؤلاء مع الله، ولن ينالوا منهم إلا أذى قد يصيبهم في الدنيا في أنفسهم أو أموالهم أو أرضهم، وعاقبة الظفر والنصر ستكون لهم بتأييد الله ونصره المبين، وهذا ما بينه الله بقوله في سورة (آل عمران/3 مصحف/89 نزول) خطاباً للمؤمنين في معرض الحديث عن اليهود:
{لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدُبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ}

وأوضح الله تبارك وتعالى أنه غني عن عباده، ولكن لا يرضى لعباده رجس الكفر ورذائل الفسق والعصيان، بل يحب لهم طهارة الإيمان، وفضائل الاستقامة والطاعة، ثم يجازيهم على أعمالهم بالعدل. فقال الله تعالى في سورة (الزمر/39 مصحف/59 نزول) :
{إِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُواْ يَرْضَهُ لَكُمْ وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}

الصفحة 361