كتاب صراع مع الملاحدة حتى العظم

الزينة فقط، فهي لا تحتوي على جوهر حقيقي ثابت وفي هذا يقول الله تعالى في سورة (البقرة/2 مصحف/87 نزول) :
{زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}

فهم مع أنهم مخدوعون بزينة الحياة الدنيا وساقطون في الغرور يتصورون المؤمنين مضيِّعين لذات حياتهم، ومتعلقين بالأوهام وبرؤيا خيالية عن الدار الآخرة، فيسخرون منهم، وكان الحق يقضي بأن يسخروا من أنفسهم إن عفَّ عن السخرية منهم الذين آمنوا.

ولكن ينعكس الأمر يوم القيامة فيقتص منهم الذين آمنوا سخرية بسخرية.

والغرض من جعل الحياة الدنيا هكذا زينة تفتتن النفوس بها توافر ظروف الابتلاء الأمثل، وهذا ما بينه الله بقوله في سورة (الكهف/18 مصحف/69 نزول) :
{إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلاً * وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً}

أي: سيأتيهم يوم تفقد فيه زينتها فيغدو سطحها صلداً يابساً لا نبات فيه ولا زرع، قد احترق كل ما عليها من خضرة ونضرة، وتهدَّم كل ما عليها من قصر مشيد.
وأخطر ما في الأمر أن يغتر الإنسان بزينة الأقوال والأفكار الباطلة، وبزينة الأعمال السيئة، فيرى الباطل حقاً، ويرى السيء حسناً، فيندفع وراء الباطل مؤيداً له وناصراً، ويعمل الأعمال السيئة متعاظماً بها ومفاخراً، زاعماً أنه من المحسنين، وهنا تكون المحنة الكبرى، والفتنة العظمى.

ونقيض هذا من كان على بينة من ربه، يرى الحق حقاً فيتبعه ويعمل بموجبه، ويرى الباطل باطلاً فيجتنبه ويحذر من العمل بما يفضي إليه.

الصفحة 376