كتاب صراع مع الملاحدة حتى العظم

إنها الخطة التضليلية التي رسمها إبليس لإغواء بني آدم، والتي بينها الله لنا بقوله في سورة (الإسراء/17 مصحف/50 نزول) :
{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلا?ئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً * قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَاذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً * قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُوراً * وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً * إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً}

لأحتنكن ذريته، أي: لأستأصلن بالإغواء ذريته، وأصل المادة مشتقة من الحنك، يقال لغة: احتنك الجراد الزرع إذا أكله، والجراد يأكل بحنكة أكلاً متسأصلاً فلا يبقي ولا يذر. أو لأقودن ذريته كيف شئت، يقال لغة: حنك الرجل دابته إذا شد حبلاً في حنكها الأسفل ليقودها كيف شاء، فهو شبيه باللجام الذي يجبر الدابة على طاعة من يقودها، ولعل هذا المعنى هو الأقرب للمراد والله أعلم.

وقد امتحن إبليس التغرير بآدم وزوجه، وحلف لهما أنه من الناصحين، فأوقعهما بمخالفة الله، وتسببلهم بالخروج من الجنة، وكانت وسيلته التغريرية تشتمل على تدرج ماكر، وقد عبر الله عنه بقوله تعالى: {فدلاهما بغرور} ، أي: أنزلهما في هوة المعصية كمن يدلي إنساناً في بئر ليشرب من مائها، ولكن هذه البئر لا ماء فيها، التدلية مشتقة من إنزال الدلو في البئر، ومعلوم أن هذا الإنزال يكون شيئاً فشيئاً، فالتدلية تتضمن معنى التغرير بتدرج.

وقد أوضح الله قصة هذه التدلية الشيطانية في سورة [الأعراف، الآيات: 19-23] .
وخطة شياطين الإنس في التغرير بالمواعيد الكاذبة ودغدغة الأماني أخطر وأفعل خطة شياطين الجن، ويوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً،

الصفحة 384