كتاب صراع مع الملاحدة حتى العظم

ويتولى شياطين الإنس إغواء الناس وتغريرهم بأقوالهم المزخرفة وأباطيلهم المنمقة، فيوقعون من يستجيب لهم بالغرور، قال الله تعالى في سورة (الأنعام/6 مصحف/55 نزول) :
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُل نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِن يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ * وَلِتَصْغَى? إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ}

فيتعاون شياطين الإنس والجن على وضع الضلالات المغررة التي يغتر بها من يستجيب لهم، ممن تميل أفئدتهم إلى ضلالاتهم، إذ أنهم لا يؤمنون بالآخرة، ثم إنهم حين يغترون بهذه الضلالات يرضونها، ويقترفون ما يقترفون من آثام، ويقترفون ما يقترفون من شرور.

ويعد الظالمون بعضهم بعضاً مواعيد لا تخرج عن دائرة الغرور، وفي هذا يقول الله تعالى في سورة (فاطر/35 مصحف/43 نزول) :
{بَلْ إِن يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضاً إِلاَّ غُرُوراً}

* غرور الكافرين بمفتريات أنفسهم:
قد يبدو غرور الإنسان بما يفتريه هو نفسه غروراً عجيباً، ولكن قد يحصل بمؤثرات عدة، منها الهوى الطاغي، والغضب المفقد للصواب، والخوف المضيِّع للرشد، والطمع الذي يغشي على البصيرة.

وهذا يذكِّرنا بطمع أشعب واغتراره بما كان يفتريه هو للصبيان من ولائم ليصرفهم عنه، حتى إذا انصرفوا عنه إلى جهة الوليمة التي اختلقتها لهم لحقهم طمعاً بأن يجد تلك الوليمة فعلاً، وينسيه طمعه أنه هو صانع الأكذوبة.
مثل هذا من أشعب وأضرابه قد يكون طريفاً مضحكاً، أما أن يوجد نظيره في قضايا الإنسان الكبرى، لا سيما ما يتعلق بالعقائد الكبرى وأمور الدين فهو العجب العجاب، إنه لعب بالمصير، وتورط خطير في شر مستطير.

الصفحة 385