كتاب صراع مع الملاحدة حتى العظم

وفي نص آخر بيَّن الله تبارك وتعالى أن سبب الطبع على قلوب اليهود إنما هو كفرهم، فقال تعالى في سورة (النساء/4 مصحف/92 نزول) :
{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مَّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً}

فالطبع على قلوبهم قد كان بسبب كفرهم وكان نتيجة له، ولكن النتائج الطبيعية السببية والسنن الكونية إنما تتم بخلق الله، ولذلك تنسب إلى الله تبارك وتعالى خلقاً وتقديراً، مع أنها نتائج طبيعية لأعمال يكسبها الناس.

وتحدث الله عن المنافقين فبيَّن أن تحولهم من الإيمان إلى الكفر قد كان سبباً في الطبع على قلوبهم، فقال تعالى في سورة (المنافقون/63 مصحف/104 نزول) :
{ ... إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُواّ ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ}

ففي هذه الآية دلالة على أن الطبع على قلوبهم قد جعلها محجوبة عن تقبل المعارف الربانية، فهم لا يفقهون منها ما يهديهم.
وقد تكرر في القرآن بيان الطبع على قلوب المنافقين، وأنهم بذلك لا يفقهون ما يلقى إليهم من هداية، ولا يعلمون ما يضرهم وينفعهم في عاقبة أمرهم، فقال تبارك وتعالى في سورة (التوبة/9 مصحف/113 نزول) :
{ ... وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُنْ مَّعَ الْقَاعِدِينَ * رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ}

وقال تعالى فيها أيضاً:
{ ... رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}

الصفحة 389