كتاب صراع مع الملاحدة حتى العظم

فبين الله أن سبب كونهم شر الدواب عند الله أنهم صم عن سماع الهدى، بكم عن قول الخير والاعتراف بالحق، لا يعقلون نفوسهم عن أهوائها الجانحة، وبذلك كانوا كافرين بالله واليوم الآخر، ولو علم الله فيهم خيراً من إيمان أو إرادة للخير لأزال الغشاوات التي تراكبت عليهم فأسمعهم، ولكن لو أسمعهم لتولوا وهم معرضون، فلم ينتفعوا لأنهم هم السبب في هذه الغشاوات الحاجبة لهم.
وأوضح الله في آية أخرى أن شر الدواب عند الله الذين كفروا، فدل ذلك على أنهم هم الصم البكم الذين لا يعقلون، فقال تعالى في سورة (الأنفال/8 مصحف/88 نزول) :
{إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} .

ووصف الله الكافرين في سورة (البقرة/2 مصحف/87 نزول) بأنهم صم بكم عمي فهم لا يعقلون، فقال تعالى:
{وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَآءً وَنِدَآءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ}

ووصف المنافقين بمثل ذلك فقال فيها أيضاً:
{صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ}

(7)

موقف الكافرين من المؤمنين

عرفنا أن موقف المؤمنين من الكافرين هو موقف الرغبة بهدايتهم وإرادة الخير لهم، ليظفروا بالحياة الطيبة في الدنيا والسعادة الخالدة يوم الدين.

أما موقف الكافرين من المؤمنين فهو موقف كراهية وعداء، وإرادة تكفير ومحاولات تضليل، ويرافق ذلك حقد وتغيظ كلما رأوا خيراً أصاب المؤمنين، ومع

الصفحة 397