كتاب صراع مع الملاحدة حتى العظم

مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَآءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * هَآأَنْتُمْ أُوْلا?ءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُو?اْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}

ففي هذا النص يكشف الله عدداً من العناصر التي يشتمل عليها موقف الكافرين من المؤمنين، بعد أن ينهى المؤمنين عن أن يتخذوا بطانة من دونهم.

1- {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم} ، أي: لا تتخذوا أقواماً من غيركم من الكفار والمنافقين بطانة يداخلونكم ويخالطونكم، ويطلعون على أسراركم، ويقدمون إليكم نصائحهم ومشوراتهم.

وبطانة الرجل أهل سره ممن يسكن إليهم ويثق بهم، والكلمة مستعارة من بطانة الثوب التي تكون مداخلة مخالطة، وتكون أقرب إلى ملامسة الجسد.

2- {لا يألونكم خبالاً} ، أي: لا يقصرون في إفسادكم وتدبير المكايد ضدكم.

3- {ودوا ما عنتم} ، أي: ودوا عنتكم، والعنت المشقة والشدة والضيق والضرر الشديد، فهم يتمنون كل ذلك لكم، وهذا غاية العداء.

4- لذلك فلا بد أن تبدو البغضاء من أفواههم فيما يقذفون عليكم من أقوال، رغم تكتمهم، ورغم تصنعهم {قد بدت البغضاء من أفواههم} .
5- وهذا يدلنا على أن ما يخفون في صدروهم أكبر بكثير مما يظهر على ألسنتهم، أو يبدو في أعمالهم {وما تخفي صدورهم أكبر} ، فهم في الظاهر قد ينافقون ويداهنون، ولكنهم إذا خلوا كشفوا ما في صدورهم من غيظ {وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ، قل: موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور} .

6- هذا الموقف العدائي من الكافرين للمؤمنين يلازمه طبعاً أن يسوأهم

الصفحة 399