كتاب صراع مع الملاحدة حتى العظم

ولا حجة منه، هم من المتكبرين الجبابرة، الذين طبع الله على قلوبهم، إذ حجبوها عن رؤية الخير والهدى، بما جمعوا في نفوسهم من كبر متجبر.

ولما أكثر الكافرون على الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - من جدلياتهم الباطلة كشف الله له داء نفوسهم هذا، وأمره بأن يستعيذ به، ليقوى على الصبر عليهم، وليفتح الله له من الحجج ما يدمغهم، فقال الله له في سورة (غافر/40 مصحف/60 نزول) :
{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ * إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي? آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}

أي: ما في صدورهم من كبر ناشئ عن أوهامهم حول أنفسهم لم يكونوا ليبلغوه في واقع حالهم، فهم يجادلون بغيرسلطان أتاهم، والأمر الخطير أنهم يجادلون في آيات الله.

وحينما يجادل الكافرون يذهبون مذاهب متهافتة شتى، ويخبطون بغير علم خبط عشواء، ويقررون أموراً باطلة، ويلجؤون إلى الكذب تارة، وإلى المراوغة تارة أخرى، ويغالطون في الحقائق بالتعميم أو بالتخصيص أو بالحذف أو بالإضافة أو بالتمويه والإيهام، أو بنحو ذلك، ونجد الإشارة إلى ذلك في قول الله تعالى في سورة (غافر/40 مصحف/60 نزول) :
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي? آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ}

أي: فهم يصرفون إلى سبل شتى من سبل الباطل والزيغ، ويتعلقون في جدالهم بما ليس فيه حجة مقبولة.

والعجيب في الأمر أن الكافرين يجادلون في الله وفي آيات الله دون أن يكون لهم سند من علم صحيح، أو من عقل منطقي سليم.

وهم قسمان: أتباع وقادة.

الصفحة 406