كتاب صراع مع الملاحدة حتى العظم

وَالإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِىءُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِيِ وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي? إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَاذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ}

هذا مع أن الآيات التي جاء بها عيسى عليه السلام آيات عظيمة، وهي حق وليست بسحر، ولكن المصرين على الكفر بالمكابرة لا يجدون سبيلاً إلا أن يجادلوا بالباطل، فيجعلوا ما هو حق واضح مشاهد ملموس سحراً من السحر.

وهذا اللون من ألوان جدال الكافرين لون يعتمد على جحود الواقع الملموس واعتباره وهماً من الأوهام، وسحراً من السحر الذي تنخدع به الأبصار، دون أن يكون له في الواقع حقيقة تطابق ما أدركه الحس بالتوهم أو بالتخيل، وما دام الكافرون مصرين على موقف الجحود والإنكار مهما ظهر لهم وجه الحق، فليس لهم حجة أمام البينات المادية المدركة بالحس إلا أن يقولوا ك {إن هذا إلا سحر مبين} .

وقد أوضح الله هذه الحيلة الجدلية من حيل الكافرين بقوله لرسوله في سورة (الأنعام/6 مصحف/55 نزول) :
{وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَاذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ}

* جدالهم في قضية الآخرة:
وجادل الكافرون في قضية الآخرة والبعث بعد الموت، وكان أهم ما اعتمدوا عليه من حجة إظهار التعجب، والإنكار على أساس الاستغراب والاستبعاد، وظاهر أن مثل هذا لا يمثل حجة مقبولة عند العقلاء.

لقد عرض القرآن جدلياتهم في هذا الموضوع، فمنها قول الله تعالى في سورة (النمل/27 مصحف/48 نزول) :
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُو?اْ أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً وَآبَآؤُنَآ أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ * لَقَدْ وُعِدْنَا هَاذَا

الصفحة 419