كتاب صراع مع الملاحدة حتى العظم

القلوب والنفوس مستمدة من قوة سحرية، وهذا ادعاء يمثل الهروب من وجه الحقيقة الناصعة، ذات التأثير المستمر.

وليس من شأن مثل هذه الدعوى أن يكون لها نصيب من الثبات حينما تستمر قوة تأثير القرآن. إن السحر وفق مفاهيم مدعيه عمل عارض يخدع ولا حقيقة له، وواقع القرآن حقيقة مستمرة باقية، لذلك فليس من شأن مثل هذه الدعوى الباطلة أن تنفع في جدال نظري، ما دامت ساقطة سقوطاً ذاتياً بشهادة الواقع.

والكافرون الذين كفروا بالقرآن لم يكفروا به إلا تعنتاً وعناداً، وما كانت تنقصهم الأدلة التي يرون فيها أن هذا القرآن من عند الله، والمتعنت لا سبيل إلى إقناعه، وهذا ما كشفه الله من حالهم في سورة (الأنعام/6 مصحف/55 نزول) :
{وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَاذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ}
فهم يفرون من التصديق به إلى باطل جدلي لا أساس له من علم ولا من عقل، لأن واقع حال القرآن يكذب ما فروا إليه، فهو حق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

إنهم ما داموا مصرين مكابرين فإنهم لن يؤمنوا ولو رأوا كل آية، ويفرّون إلى إطلاق الأباطيل الجدلية، وهذا ما بيَّنه الله بقوله في سورة (الأنعام/6 مصحف/55 نزول) :
{وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي? آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا حَتَّى إِذَا جَآءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُو?اْ إِنْ هَاذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ}

وبعد أنواع ذات مراحل من جدال الذين كفروا حول القرآن، وسقوط أدلتهم وحججهم ودعاويهم الباطلة، لم يكن من فريق منهم إلا الإصرار على موقف الجحود والإنكار، فوقفوا أخيراً منه موقف المتعنت، فأعلنوا رفضهم الإيمان به،

الصفحة 426