كتاب صراع مع الملاحدة حتى العظم

المستضعفون: (بل مكرُ الليلِ والنهارِ) أي: مكرم لنا في الليل والنهار (إذْ) كنتم (تأمرونَنَا أن نَكفُر باللهِ ونَجعل له أنداداً) هو الذي جعَلَنا نكفر.

الحكم العادل: يحمِّل كلا الفريقين المسؤولية على مقدار كسبه، ويجازي كل واحد بعمله، وتجعل الأغلال في أعناق الذين كفروا.

المستكبرون والمستضعفون: يسرّون الندامة حين يرون العذاب.

* جدالهم بالسباب والشتائم والمشاغبات والصد عن الحق ونحو ذلك:
حجج الكافرين التي قد يتصنعون فيها الهدوء، وقد يحاولون إبرازها بصورة منطقية في أول الأمر، حين تنقطع بهم وتتخاذل وتبدأ بالتصاغر والانهزام تثور ثائرتهم، ويطيش صوابهم، ويلجؤون إلى خطة السباب والشتائم والمشاغبات، وصرف أتباعهم عن سماع الهدى، وصدّهم عن مجالسه، حتى لا يتأثروا به فيتبعوه.

والدفع بالسباب والشتائم لا يدخل في نظام جدال العقلاء المتناظرين لبلوغ الحق، وإنما هو خطة السفهاء، للتغلب بأية وسيلة، ولإثبات المذهب والرأي ولو عن طريق الإكراه بالقوة، فإذا لم توجد القوة، فبالمشاغبة والشتيمة وتقطيع الناس عن داعي الحق، وهذه هي خطة الكافرين وسائر المبطلين.

* أسلوب الشتائم:
ومن الشتائم اتهام داعي الحق بأنه مبطل، واتهام الحق بأنه باطل أو سحر أو كذب أو نحو ذلك.

وقد بيَّن الله لرسوله هذا الأسلوب السفيه من أساليب دفع الكافرين للآيات البينات التي سيأتيهم بها، ليهيئه نفسياً لتحمل الصدمات القاسيات التي يوجهونها له، وتحمل أنواع المكابرات والافتراءات التي يفترونها عليه.
إنه سيأتيهم بالحق المبين فيقولون له: إن أنت إلا مبطل من المبطلين، فما عليه إلا أن يصير عليهم، ويلازم نشر دين الله والدعوة إليه، فحجتهم الجدلية في هذا إنما هي مقابلة الحق باتهام صاحبه بأنه مبطل، وليس هذا في الحقيقة حجة، إنما هو دافع بالسباب، ومقابلة للحق بالشتائم.

الصفحة 428